الباب الخامس من أبواب الكتاب: باب المطلق والمقيد
  فإن قلت: معنى حمل المطلق على المقيد تقييده بذلك القيد، وهذا لا يستقيم فيما ذكرتم من المثال؛ لأن المقيد إنما قيد بالكافرة، والمطلق إنما قيد بالمؤمنة.
  قلت: نعم، معناه تقييد المطلق بذلك القيد، لكن إن كان القيد موجباً فبإيجابه، وإن كان منفياً فبنفيه، وهاهنا قيد الكافرة منفي، فقيد إيجاب الإعتاق بنفي الكافرة وهو المؤمنة.
  وكذا (المطلق المتقدم في الأمر المقيد بالنهي) بمعنى أنه مطلق متقدم وهو أمر، وهو مقيد في النهي (المتأخر المقارن له) أي للآمر (نحو قوله للقائل: أعتق رقبة، ولا تملك رقبة كافرة) فإنه يحمل على المقيد هنا لاستحالة العتق بدون الملك، قد نهى عنها فأنتج أنه لا يعتق إلا مؤمنة، (فأمَّا النهي غير المقارن) للآمر (فكما اتحد سببهما وحكمهما) وهو القسم الأول من أقسام المطلق والمقيد فالكلام في هذا كالكلام فيه من الخلاف في النسخ وعدمه.
  ومثال ذلك: قول القائل: أعتق رقبة في الظهار، ثُمَّ تقول: لا تعتق رقبة كافرة.
  (ولا يحمل مطلق النهيين) الواردين (على مقيدهما) بل العمل بها اتفاقاً؛ إذ لا تعذر فيه، وهذا ظاهر (نحو: لا تعتق المكاتب، لا تعتق الكافر) من غير قصد إلى استغراق كما في: اشتر اللحم، فإن علمنا أن المنهي عنه بأحد النهيين هو المنهي عنه بالآخر لا اقتران فيهما في خصوص ولا عموم، وجب أن يقيد بالكافر، فيصير المكلف منهياً في الموضعين عن الكفارة بالكافرين.