فصل: [في معنى المجمل]
  (ويكون) الإجمال (بالاشتراك) وهو الإجمال في المفرد (وضعاً) بأن يضع اللفظ واضع اللغة لمعنيين فصاعداً، والمشترك يكون (اسماً، كقرء) المتردد بين الطهر والحيض، (وفعلاً، كعسعس) المتردد بين أقبل وأدبر، (وحرفاً، كمن) المتردد بين التبيين والتبعيض مثلاً، فهذه المذكورة اشتراكها بالأصالة.
  (أو) يكون الاشتراك (عروضاً) بإعلال الوارد في الاسم (كمختار) المتردد بين الفاعل والمفعول، ولولا الإعلال لكان مختَيِراً - بكسر الياء - للفاعل، وبفتحه للمغعول، فانتفى الإجمال.
  (و) قد يكون الاشتراك (بالنقل) للفظ المستعمل في معنى واحد إلى معنيين فصاعداً، ثُمَّ يستعمل فيها على سواء، وذلك (كالصلاة) فإنها كانت للدعاء، ثُمَّ نقلت إلى العبادة، فمتى أمرنا بالصلاة ونحن لا نعلم بالشرع انتقل هذا الاسم إلى هذه الأفعال احتجنا فيه إلى بيان، (و) يكون (بالقصر) للاسم على ما يتناوله (كالعام المخصص باستثناء، أوصفة، أو دليل منفصل: مجهولات) وهو غاية إلى الثلاثة:
  فمثال الأول: قوله تعالى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}[المائدة: ١]، فلما كان المستثنى مجهولاً كان المستثنى منه كذلك، فاحتجنا فيه إلى بيان.
  ومثال الثاني: قوله تعالى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}[النساء: ٢٤]، فإن تقييد الحل بالإحصان مع الجهل به أوجب الإجمال فيما أحل.
  ومثال الثالث: أن تقول: اقتلوا المشركين ثُمَّ تقول بعد: لا تقتلوا بعضهم.
  (و) يكون الإجمال (بالوصف والإشارة أو الضمير، المترددة) عائد إلى الثلاثة (بين أمرين فصاعداً) يعني أنه قد يحصل بسبب هذه.
  فالوصف: كقولنا: زيد طبيبٌ ماهر؛ لتردد ماهر بين عوده إلى الطبيب حتَّى يلزم مهارته في الطب، أو إلى زيد حتى يكون المعنى أنه طبيب وأنه ماهر(١)، فيجوز أن تكون المهارة في غير الطب.
  والإشارة: نحو: قوله تعالى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة: ١٩٦]، فإن الإشارة مترددة بين التمتع والهدي حيث يحتمل أن يعود إلى كل واحد منهما على انفراده(٢).
  والضمير: مثل ما رواه الشيخان وغيرهما عنه ÷ «لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبه في جداره»، فالضمير في جداره متردد بين عوده إلى الجار أو إلى الأحد.
(١) أو المراد به الذي في التركيب، تمت من هامش النسخة (أ).
(٢) كما إذا تقدم الوصف موصوفين يصلح لكل منهما، وكذا الإشارة والضمير، تمت من هامش النسخة (أ).