الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في صور أخرجت من المجمل وهي منه]

صفحة 545 - الجزء 1

  لنا: وقوعه فيهما كما تقدم، وأيضاً لا يلزم منه محال، ولا يؤدي إلى فساد، فكان جائزاً وقوعه.

  احتج المنكر له فيهما: بأن الكلام إما أن يذكر للإفهام أو لا، والثاني عبث غير جائز على الحكيم، والأول إما أن يكون قد قرن بالمجمل ما يبينه أو لم يفعل ذلك، والأول تطويل من غير فائدة، لأن التنصيص عليه أسهل وأدخل في الفصاحة من ذكره باللفظ المجمل، ثم بيان ذلك المجمل بلفظ آخر.

  وأيضاً فيجوز أن يصل الإنسان إلى ذلك المجمل قبل وصوله إلى البيان، فيكون سبباً للحيرة، وهو غير جائز، والثاني باطل، لأنه إذا أراد الإفهام - مع أن اللفظ لا يدل عليه، وليس معه ما يدل عليه - كان ذلك تكليفاً بما لا يطاق، وأنه غير جائز.

  قلنا: هذا الكلام ساقط، لأن في ذكر اللفظ المجمل، ثم إردافه بالبيان مصلحة لا نطلع عليها، ومع الإحتمال لا يبقى القطع.

  واختص المانعوه في السنة: بأنه ÷ ورد مبيناً، فلو احتاج خطابه إلى بيان لما صدق قوله تعالى {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}⁣[النحل: ٤٤].

  قلنا: الجواب بالمعارضة، وهي قوله تعالى {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}⁣[النحل: ٨٩]، وأيضاً كونه مبيِّناً لا يمنع أن يحتاج خطابه إلى بيان منه.

فصل: [في صور أخرجت من المجمل وهي منه]

  (ومما أخرج من المجمل وهو منه صور): ولم يذكر إلا اثنين:

  (منها: قوله تعالى {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}) قال القاضي فخر الدين عبد الله بن حسن: وهذه الصورة لم يذكرها من أئمتنا غير المنصور بالله، (فاستدل به) أي بهذا القول (بعض الشافعية: على أن الرقبة الكافرة لا تجزي في كفارة الظهار)، قالوا: فالآية ظاهرة المعنى، فيصح الإستدلال بها، (مع أن لفظ الخبيث مجمل) وذلك (لاستعماله في النجس) لأنه يقال: هذا خبيث أي نجس، (و) استعماله في (الشرير) من الحيوان، (و) استعماله في (المنفور عنه، ولا قرينة) لفظية ولا معنوية (تعين) أن الشارع أراد (أحدها) أي أحد الثلاثة فتردد بينها، فكانت مجملة، لكن ينظر في ذلك، فإن المشترك على المذهب يحمل على معانيه الغير المتنافية ويكون ظاهراً فيها كما تقدم.