فصل: [في صور أدخلت في المجمل وليست منه]
  وقال (بعض أئمتنا) وهم زيد بن علي وأخوه والصادق والناصر (والحنفية: بل) قوله تعالى {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ}[المائدة: ٦]، (مجمل لاحتمال الكل والبعض) من الرأس ولا مخصص لأحدهما دون الآخر، فثبت الإجمال.
  قالوا: (ثُمَّ ورد البيان من السنة) وهي ما رواه أنس، فإنه روي أن النبي ÷ مسح مقدم الرأس.
  قلنا: لا نسلم احتماله للكل والبعض، وإنما هو ظاهر في الكل(١).
  (ومنها) أي ومن الصور التي أدخلت في المجمل وليست منه (الفعل المنفي، والمراد نفي الصفة نحو: لا صلاة إلا بطهور) أي لا صلاة صحيحة أو كاملة، فالنفي ليس للفعل؛ لأن المعلوم وجود ذلك الفعل، وتسميته صلاة وإن لم يكن فاعله متطهراً، إنما هو للصفة، ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، ولا صيام لمن لا يبيت الصيام من الليل.
  نعم: الحديث أخرجه مسلم عن ابن عمر، ولفظه: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول»، والترمذي «لا يقبل الله صلاة إلا بطهور»، وأخرجه الطبراني عنه بلفظ «لا صلاة لمن لا طهور له»، وأخرجه أبو داود والنسائي عن أبي المليح بلفظ «لا يقبل الله صدقة من غلول ولا صلاة بغير طهور»، وأخرجه أبو داود عن أبي هريرة بلفظ «لا صلاة لمن لا وضوء له»، وفي الجامع عن أنس وأبي بكرة وأبي بكر والزبير وأبي سعيد وغيرهم، ولم أجد لفظ «لا صلاة إلا بطهور».
  (وليس بمجمل عند أئمتنا والجمهور) من العلماء منهم القاضي عبد الجبار، والشيخ الحسن، وحفيده، وابن الحاجب، والسبكي وغيره من العلماء، (ثُمَّ اختلفوا) في سبب عدم إجماله:
  (فقيل: لحمله على ماهو أقرب) المجازين (إلى الحقيقة المتعذرة وهو نفي الإجزاء في عرف الشرع) بأن القرب أن الحقيقة نفي الذات، ونفي الذات تستلزم نفي جميع الصفات، ونفي الصحة أقرب إليه بهذا المعنى من نفي الكمال؛ لأنه لا يبقى مع نفي الصحّة وصفه بخلاف الكمال، فإن الصحة تبقى معه، وهذا (إن ثبت في مثله عرف شرعي) في إطلاقه للصحيح فيكون معناه: لا صلاة صحيحة ولا صيام صحيحاً، وبقي مسماه ممكن متعين فلا إجمال.
(١) ورواية أنس تحتمل أنه لم ير بقية الممسوح، وذلك لا يدل على عدم الوقوع، تمت من هامش النسختين.