الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في مبادئ أصول الفقه]

صفحة 60 - الجزء 1

  (وهي) أي تلك القواعد تنقسم إلى قسمين⁣(⁣١):

  (قطعيَّة): وهي ما دليلها قطعي من عقل أو سمع، وذلك ككون الأمر للوجوب، وكون الإجماع حجَّة على رأي ونحو ذلك.

  (وظنيَّة): وهي ما دليلها ظَني من عقل كما يذكر في الأمر أنه للمرَّة أو التكرار أو التراخي، وأن ألفَاظ العموم مستغرِقَة، وكثير من عقليات هذا العلم، أو سمع كمسألة التخصيص بالقياس، وكونِ الإجماع حجَّة على رأي، وسواء قلنا إن أصول الفقه العلم بالقواعد أو هي أنفسها، وانقسامها إلى هذين القسمين مذكور في الجوهرَة، وقد حقَّقه الدواري في شرحها.

  لا يقال: إذا كانت ظنيَّة جاز التقليد فيها وأجريت عليها أحكام الفروع الظنيَّة كما سبق إلى ذهن بعض النَّاس.

  فَدَفْعُهُ: بأن أصول الفقه لا بد فيه من العلم الجازم، قال: ولذا لم يجز التقليد فيه.

  لأنا نقول: الاعتقاد الذي لا يتبعه عمل لا يسوغ فيه التقليد، ولا تجري عليه أحكام الفروع؛ لأن ذلك أصل من الأصول، والاعتقاد الذي يتبعه عمل يجوز التقليد فيه؛ لأنه فرع من الفروع؛ لأن العمل فرع على العلم فامتناع التقليد فيه من هذه الجهة لا ممَّا توهمه، ولكن هذا مبني على أن الاعتقاد أعم من أن يكون ظناً أو علماً كما هو المختار، مع أنَّه قد أجاز التقليد فيه الإمام عز الدين في جواباته، وقبله القاضي عبد الله بن الحسن، لكن من القواعد كما سيأتي أن التقليد قبيح عقلاً وسمعاً إلا ما قام دليله كما ستقف عليه في باب الإجتهاد، وسيأتي الكلام إنشاء الله تعالى.

  (وأمَّا موضوعه: فالأدلة الكلية السمعيَّة) وهي الكتاب والسنَّة والإجماع والقياس، وكيفيَّة دلالتها على الأحكام الشرعيَّة، ودلالتها تكون على أوجه ثلاثة:

  أولُها: من جهة اللفظ، إمَّا بصريحه وإمَّا بظاهره، وإمَّا بمفهومه وإشارتِه، وإمَّا بمعقوله واستنباطه.


(١) وقال بعض المحققين: إن معنى كون قواعده قطعية، أن النظر الصحيح في تلك القاعدة يوصل إلى معلوم، كالنظر في كون الإجماع القاطع، أو النص القاطع حجة قطعية، ومعنى كون القاعدة مظنونة، أن النظر الصحيح فيها يوصل إلى مظنون، كالنظر في كون خبر الآحاد حجة ظنية، مع أن دليل القاعدة الأولى المثبت لها وهو «لن تجتمع أمتي على ضلالة» ونحوه، ودليل القاعدة الأخرى وهو إجماع الصحابة القاطع مثلاً، وعلى العمل بخبر الواحد مقطوع بهما، فتأمل. تمت من حاشية على الأصل.