الباب السادس من أبواب الكتاب: باب المجمل
  منتفية بالضرورة، فيبقى النفي مصروفاً إلى غيرها من الأحكام، ولا فرق بين حكم وحكم، فلأجل ما ذكرنا أوجبوا أن يكون مجملاً متردداً بين نفي الكمال فيكون محرماً مع نقصانه، وبين نفي الصحة فلا يكون محرماً، والجواب ما تقدم في مثله.
  (ومنها) أي ومما أدخل في المجمل وليس منه (قوله ÷) الراوي له الحافظ أبو القاسم التميمي المعروف بأخي عاصم في مسنده، والبيهقي في الخلافيات، «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» وما استكرهوا عليه»، ورواه ابن ماجة بلفظ: «إن الله وضع»، والحاكم، وقال أبو حاتم: لا يثبت، (و) إذا عرفت هذا فهذا الحديث الخ فيه مما ينفى فيه صفة، والمراد لازم من لوازمها (ليس بمجمل عند أئمتنا والجمهور) من العلماء (ثُمَّ اختلفوا) في سبب عدم إجماله:
  (فقيل: وهو المختار) إنمالم يكن مجملاً (لحمله على رفع كل الأحكام الدينية) كالحساب والعقاب (والدنيوية) كالقود وغيره (إلا ما خصه دليل) من تلك الأحكام فإنه لا يقدر؛ لأن ذلك الدليل أخرجه من العموم (كإيجاب الكفارة على القاتل خطأ) وإيجابها على (الحانث الناسي) فإنه لولا الدليل على وجوبها في حقهما لكانت ساقطة لعموم الدليل المذكور، (وكغرامات الأموال المتلفة) فإنها خارجة من عموم هذا الدليل؛ لأن ثبوتها بخطاب الوضع وهو لا يشترط فيه مثل ما يشترط في التكليفي.
  وقال (الغزالي والرازي: بل) ليس بمجمل لغير ما ذكرتم (لحمله على رفع الأحكام الأخروية كالعقاب وما يتعلق به لا) الأحكام (الدنيوية كالغرامات وغيرها) فإلا؛ لأن المولى إذا قال لعبده: رفعت عنك الخطأ، فإن ذلك في العرف منصرف إلى نفي المؤاخذة بذلك الفعل، فكذا إذا قال الرسول ÷، لأمته مثل هذا القول وجب أن ينصرف إلى ما يتوقع مؤاخذته لأمته به وهو الأحكام الشرعية في الخطأ، فكأنه قال: رفعت عنكم الأحكام الشرعية في الخطأ.
  قلنا: المؤاخذة أعم من أن تكون في الأحكام أخروية أو دنيوية، فإن المجني عليه إذا قال: رفعت عن الجاني الخطأ الذي أوقعه، فإنه لا سبيل إلى نفي إرادة الغرامات.
  وقال (أبو عبد الله وأبو الحسين: بل مجمل لما تقدم) في {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} من أنه لا بد من إضمار المتعلق لرفع وهو متعدد.
  قلنا: إنه متضح عرفاً، والتقرير قد مضى.