الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب السادس من أبواب الكتاب: باب المجمل

صفحة 557 - الجزء 1

  أمر الشارع، وكل ما وافق أمره فهو صحيح، فلو حمل على الشرعي لكان صحيحاً، وليس صحيح لما مر أن النهي يدل على الفساد أولاً، ولا يدل على الصحة، ولم يكن فيه دلالة، وهذا كاف في الإجمال؛ لأنه إذا لم يكن فيه دلالة على الصحة لم يكن فيه دلالة على كونه شرعياً، [فإذا تعذر الشرعي وانتفى اللغوي لزم الإجمال، لصدوره عن الشارع]⁣(⁣١).

  قلنا: لا نسلم أن الشرعي هو الصحيح شرعاً، بل ما يسميه الشارع بذلك الاسم من الهيئات المخصوصة حيث يقول: هذه صلاة صحيحة، وهذه صلاة فاسدة وإلا لزم في قوله # «دع الصلاة أيام إقرائك» أن يكون مجملاً بين الصلاة والدعاء، واللازم منتفٍ؛ لأنه ظاهر في معناه الشرعي قطعاً، سلمنا، فلا نسلم أن عدم دلالة النهي على ذلك توجب انتفاءً الدلالة مطلقاً ليثبت الإجمال.

  وقال (الآمدي: ليس بمجمل فيهما) أي في الإثبات والنهي (إذ يحمل في النهي على) المسمى (اللغوي) لأنه تعذر الحمل على الشرعي للزوم صحته، وأنه باطل كبيع الحُرِّ والخمر والملاقيح والمضامين كل ذلك مما نهى عنه الشرع وشيء منها لا يصح.

  قلنا: الجواب ما تقدم أن الشرعي ليس هو الصحيح وبأنه يلزم في قوله: دع الصلاة أن يكون المنهي عنه هو اللغوي وبطلانه ظاهر، (وفي الإثبات يحمل على) المسمى (الشرعي) لما ذكرناه (فأما ماله مسمى لغوي ومسمى عرفي كدابة) فإن لها مسمى لغوياً وهو كل ما يدب وعرفياً وهو ذات الأربع (فلا إجمال فيه لحمله على العرفي اتفاقاً) لأن العرف طارئ على اللغة، وهو يجب حمل اللفظ على المعنى الطارئ؛ إذ قد صار اللفظ غالباً عليه، ولا فرق في هذا بين أن ينقل الكلام عن محل الحقيقة إلى ما هو خارج عنه كالغائط، أو بتخصيصه ببعض المسميات كما مثل أولاً.


(١) ما بين القوسين زيادة من هامش النسخة (أ)، ورمز له بالتصحيح.