الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في معنى المبين والمفسر]

صفحة 561 - الجزء 1

  (و القياس) كما لو قال ÷ «يحرم الخمر لكونه مسكراً» فإن ذلك يدل على تحريم النبيذ بالقياس على تحريم الخمر، وذلك بجامع الإسكار دلالة مبينة.

  (ويكون) المبين (مبتدأ) بمعنى أنه لم يسبق له إجمال، بل ورد مبيناً من أصله وذلك (كالفعل) الصادر من النبي ÷ المستغني عن البيان بنفسه، كلو واظب عليه الصلاة والسلام وآله على سجدتين فإنه لا يجوز أن يتعمد فعالاً كثيرة ليست من الصلاة ولا أن يسهو دائماً، (أو الخطاب المستغني عن البيان بنفسه) وبنفسه متعلق بالمستغني بمعنى أنه واضح الدلالة جليها لا يحتاج إلى ضميمة، فلا يحتاج إلى إضمار وتقدير وصفة، وذلك (كالنص) الصريح في الدلالة على المراد فلا يحتاج إلى بيان، مثل {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٢٨٢}⁣[البقرة: ٢٨٢]، فإنه مبين بنفسه.

  واعلم أن إطلاق اللفظ المبَيَّن - بفتح الياء - على الواضح بنفسه، وإن كان غير متبادر إلى الفهم صحيح لغةً ومعنى.

  أمَّا معنى: فلأن المتكلم قد أوضحه حيث لم يأت بلفظٍ محتمل.

  وأما لغة: فقد قال الجوهري في الصحاح ما نصه: والتبيين الإيضاح، والتبيين أيضاً الوضوح، والمثل: قد بين الصبح لذي عينين، أي تبين هذا اللفظ، فأطلق التبيين على الوضوح، وهو مصدر وضح لا أوضح بقوله وضح الشيء وضوحاً فهو واضح، فيكون اسم المفعول منه هو المبيَّن، يطلق أيضاً على ما قد وضح بنفسه وإن لم يوضحه غيره.

  (والظاهر الذي لم يخصص) نحو قوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}⁣[النساء: ٢٣].

  (وغير مبتدأ كالفعل غير المستغني) عن البيان، وهو الذي لم يقترن به ما يدل على البيان كالقيام من الركعة الثانية إلى الركعة الثالثة من غير جلوس، ولا تيقن عمد، فإنه يحتمل السهو والعمد، (والمشترك بين المعاني المتنافية) التي بينها تضاد كالقرء مثلاً والجون، وإنما كان محتاجاً إلى البيان لاستحالة قيام المشترك بالمعاني، فاحتاج إلى بيان أيها أريد، فأما غير المتنافية فقد أوضح ذلك سابقاً أنه يجب على الصحيح حمل المشترك على جميعها، وأنه ليس بمجمل.

  وإنما يكونان أعني الفعل والقول مبينين (بعد بيانهما) أي بيان المراد منهما فالفعل كأن يبين بأحد الوجهين، والقول كأن يقول الشارع: المراد بالإقراء في قوله تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}⁣[البقرة: ٢٢٨]، الحيض، أو يقول الإطهار، أو ينصب قرينة تدل على ذلك.