الباب السابع من أبواب الكتاب: باب المبين
  (والعام المخصص والمطلق والمقيد) فإنهما يصيران بعد حصول ذلك فيهما متبين.
  وأنت خبير بأن ما يكون كذلك إلا إذا كان العام مخصصاً بمبين لا إذا كان مخصصاً بمجمل فإنَّه يزداد إجمالاً، ويكتسب غير إشكاله إشكالاً.
  (والبيان) واشتقاقه من بان إذا ظهر وانفصل، هو (ما يفهم به المراد بالمجمل، وهو)، يشمل الضروري والدلالة والأمارة، فقصره (على الدليل) كما ذكره المصنف لا ينبغي، ولعله أراد به ما يعم الثلاثة.
  (وقد يطلق) البيان (على) متعلق التبيين وهو (مدلول ذلك) الدليل فيقال في حده: العلم الحادث عن الدليل، والقائل بهذا الشيخ عبدالله، قال: لأن البيان هو ما يتبين به الشيء، والذي يتبين به الشيء هو العلم الحادث، كما أن ما به يتحرك الشيء هو الحركة، ولهذا لا يوصف الله بأنَّه مبين لما كان عالماً بذاته لا بعلم حادث.
  وَحَدُّهُ هذا ليس بسديد لأمرين:
  أمَّا أولاً: فلأن الحاصل من الدليل قد يكون ظناً.
  وأمَّا ثانياً: فلأن البيان اللغوي هو الكشف والإيضاح، ألا ترى أنه يقال: تبين لي كذا إذا دل عليه، فهذا هو الأظهر في العرف من العلم؛ لأنه لا يوصف العلم بأنه بيان، وإنما يوصف بأنه تبيين.
  (و) يطلق (على فعل المُبَيِّن) وهو التبيين، كالسلام والكلام للتسليم والتكليم، فيُحد: بأنه الإخراج من حيز الإشكال إلى حيز التجلي والوضوح.
  وأورد عليه ثلاثة إشكالات:
  إحداها: البيان ابتداء من غير تقرير إشكال، فهو بيان وليس ثَمَّ إخراج من حيز الإشكال.
  وثانيها: أن لفظ الخبر في الموضعين مجاز، والتجوز في الحدود لا يجوز.
  وثالثها: أن الوضوح هو التجلي بعينه فيكون متكرراً.
  قال عضد الدين: ولا يخفى أنها مناقشات واهية.
  (ويكون) البيان (بالعقل) وذلك (كالتخصيص) به في مثل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ}[البقرة: ٢١]، فإنه خص منه بالعقل المجانين فهو بيان عقلي.