الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في مبادئ أصول الفقه]

صفحة 61 - الجزء 1

  وثانيها: جهة أفعال النبي ÷.

  وثالثها: من جهة تقريراته ÷ وسكوته، فجميع ما يذكر في أحكام الشريعة لا يخرج عما ذكرنا من هذه الثلاثة، وسيأتي الكلام على كل من هذه الأوجه مقرراً في مواضعه اللائقة بمعونة الله تعالى⁣(⁣١).

  ووصفت الأدلة بالكليَّة تنبيهاً على أنَّه لا يبحث في هذا العلم عن أحوالِ الأدلَّة من حيث خصوصية أعيانها المنصوبة على أعيان المسائل، بل على الوجه الكلي، فيبحث عن أحوال الأمر هل للوجوب أو للندب؟ لا من حيث كونِه المنصوب على وجوب الصلاة مثلاً - أعني في قوله تعالى {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}.

  (وأمَّا فائدته): أي المصلحَة التي تترتب عليه (فالعلم) أو الظن (بأحكام الله تعالى) وإنما كان فائدته معرفة أحكام الله تعالى؛ لأنها مناط السعادة الدنيويَّة، والدرجات الأخرويَّة، وترك المؤلف للظن إمَّا اعتماداً على وضوح قصده، وإمَّا إطلاقاً للعلم على ما يشتمله، وهذا غير مؤاخذ عليه؛ لأنه ليس واقعاً في الحدود.

  (وأمَّا استمداده): أي بيان ما يستمد منه أي يتوقف عليه مسائله، إمَّا تصوراً أو تصديقاً (فمن) علم (الكلام، لتوقف) صحة (الأدلَّة الكلية) أي الإجماليَّة كالكتاب والسنَّة والإجماع وغيرها، (على معرفة الصانع) ليمكن إسناد خطاب التكليف إليه، ويعلم لزوم التكليف وثبوته في حقنا حين إسناد خطابه تعالى إليه؛ لأنه خالق المكلفين فلا يلزمهم إلا ما أوجبه أو كلف به، وتتوقف معرفة وجود الباري على أدلَّة حدوث العالم، (و) أيضاً أن كون الكتاب وما ذكر معه حجَّة تتوقف صحتها على (صدق المبلغ)، وتوقف السنَّة على ذلك ظاهر.


(١) وقال سعد الدين في شرح التلويح: إن الموضوع هو الأدلة السمعية والأحكام، إذ قد يبحث فيه عن أعراض الأحكام أيضاً، مثل أن الوجوب موسع أو مضيق، وعلى الأعيان أو على الكفاية، إلى غير ذلك، ورده السيد شريف بأن مبحثه على أن الأمر مثلاً يدل على الوجوب الموسع أو المضيق، فإذا عرفت أحوال الأدلة الإجمالية على الوجه الكلي من الأدلة المذكورة، احتيج في استنباط الأحكام من الأدلة التفصيلية إلى استخراج أحوالها الجزئية المندرجة تحت القواعد الكلية، كسائر الفروع من أصولها، ومنهم من قال هو الأدلة مع الإجتهاد دون الترجيح نظراً إلى الظاهر، تمت منه.