الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في حكم الفعل المتناول لأفعال من جماعة]

صفحة 568 - الجزء 1

  والآخر: أن يكون الاسم يبنى على صفتها، لكنه عام أريد بعضه، وهو كقوله تعالى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} وهو يريد بعضهم.

  إذا عرفت هذا فهو (فيجب) في كلا الضربين (تبيين الخطاب) من الله ø (لمن أريد فهمه منه) أي فهم الخطاب دون من لم يرد أن يفهمه، فأمَّا من أراد أن يفهمه فإنه لو لم يبين له المراد - مع أنَّه لا سبيل له إلى ما كلف من الفهم إلا بالبيان - كان قد كلف ما لا سبيل له إليه.

  وأمَّا من لم يرد أن يفهم الخطاب فسيأتي وجه عدم وجوبه إنشاء الله تعالى.

  (و) إذا ثبت ذلك فالخطاب من الشارع (هو بالنسبة إليهم) أي إلى من أريد فهمه منه (نوعان):

  الأول: (ما أريد به علم وعمل) وذلك (كالصلاة والصيام بالنسبة إلى العلماء) فإن الله تعالى أراد أن يفهما مراده بآية الصلاة وأن يفعلوها.

  (و) الثاني ما أريد به من المكلف المخاطب به (علم) بذلك الحكم واعتقاد له (دون عمل) فلم يرد منه أن يعمل به وذلك (كالزكاة والحج بالنسبة إلى العالم الفقير) فإنه تعالى أراد من العلماء العلم بمقتضى خطابه الدال على وجوبهما واعتقاده دون العمل لفوات شرطه في حقهم، (ولا يجب تبيينه لمن لم يرد منه فهمه) أي الخطاب؛ لأنه لا وجه لوجوب بيان المراد إلا كونه تمكيناً مما أريد من فهم المراد، وهذا غير قائم في من لم يرد الله سبحانه أن يفهم مراده بالخطاب، وما ليس له وجه وجوبٍ فليس بواجب، ولهذا لما لم يكن للإقدار وجه وجوب إلا كونه تمكيناً من الفعل لم يلزم أن يقدر الله سبحانه على الفعل من لم يكلفه فعله، (وهو) أي الخطاب الذي لم يرد فهمه من المكلف (بالنسبة إليهم) أي إلى الذين لا يراد منهم الفهم (نوعان):

  الأول: (مالم يرد به علم ولا عمل، نحو: الكتب السالفة بالنسبة إلى هذه الأمَّة) بأن الله تعالى ما أراد أن يفهما مراده بها، ولا أن يفعلوا بمقتضاها، وإنما الواجب عليهم التصديق بجملتها لا بكل فرد منها للقطع بأنه قد كذب في بعضها وحرف، ولكن (على القول بأن شرع من قبلنا ليس بحجة) وسيأتي الكلام عليه إنشاء الله تعالى، فأمَّا عند المعتقدين لذلك فإنهم يقولون: نحن متعبدون بشرع من قبلنا، فيجب علينا العلم والعمل بما خوطبنا فيها أو العلم فقط.

  (و) الثاني: (ما أريد به عمل فقط) أي ولم يرد به علم أو اعتقاد وذلك (كالحيض والنفاس) أي أحكامها (بالنسبة إلى النساء) المتصفات بذلك؛ لأن الله ø أراد منهن التزام أحكام