فصل: في بيان هل يجب مساواة البيان للمبين في حكمه أو لا
  الحيض والنفاس (عند تضيق الحادثة) عليهن بحيث يتعذر عليهن الإجتهاد والفحص عن الأخبار الدالة على ذلك، وبيان مجملها وتخصيص عمومها بحيث لو استعملن ذلك فات المقصود عليهنَّ فيعلمن بما يقتضيه الخطاب بشرط أن يفتيهن المفتي ويجعل لهن سبيلاً إلى ذلك بما علم من دين النبي صلى الله عليه من الرجوع إلى العلماء، ولم يرد منهن على الإيجاب فهم المراد بالخطاب؛ لأنه وقت التضييق لم يوجب عليهن سماع أخبار الحيض فضلاً عن الفحص.
فصل: في بيان هل يجب مساواة البيان للمبين في حكمه أو لا
  ثُمَّ هل حكمه حكمه في صفته بمعنى أن المبين إن كان المبين قطعياً كان بيانه قطعياً أو جلياً كان بيانه جلياً، وأشار إلى الأول بقوله:
  (واختلف في البيان هل يجب مساواته للمبين) وهو المجمل (في حكمه) من وجوب غيره (فيكون بيان المجمل الواجب واجباً و) بيان (المندوب مندوباً و) بيان (المباح مباحاً) تبعاً لما بينه، وفي الحواشي: لا يقع منه تعالى إلا الراجح واجباً أو تفضَّلاً، ولا يقع منه تعالى المباح، وليس في أفعاله ما صورته صورة المباح إلا عذاب أهل النار، ففي قولهم مباح نظراً، (أو يجب) بيان المجمل (مطلقاً) سواء كان واجباً أو مندوباً أو مباحاً:
  (فعند أئمتنا والجمهور: يجب مطلقاً) على الله تعالى أن يبين خطابه للمكلفين إزاحة للعلة في كل ما كلفناه من واجب وندب وغير ذلك، ويجب على الرسول ÷؛ لأنه مأمور بالتبليغ؛ ولأنه لو كان حكم البيان حكم المبين للزم منه أنه إذا كان المبين قبيحاً أو مكروهاً أن يكون بيانه كذلك (وإلا) نقل لوجوبه (لزم تكليف مالا يعلم) إذ قد أقمنا القاعدة أن المندوب مكلف به، فلو لم يشترط أن يبين لزم أن يكلف بما لا يعلم، فاستحالة ذلك معلومة، ولهذا قال باستحالته بعض من أجاز تكليف ما لا يطاق.
  (وقيل) لا يجب البيان مطلقاً (بل هو) أي البيان (مساوٍ للمبين في ذلك) في الحكم من وجوبٍ وغيره، قال أبو الحسين: فإن أراد بذلك أنه يدل على الوجوب كما يدل المبين فغير صحيح؛ لأن البيان إنما يتضمن صفة المبين وليس يتضمن لفظ يُفيد الوجوب، وإن أرادوا أنه إذا لم يكن المبين واجباً كان بيانه واجباً على النبي ÷، وإذا لم يكن المبين واجباً لم يكن بيانه واجباً وإلا فباطل لما ذكرناه أولاً.