الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب السابع من أبواب الكتاب: باب المبين

صفحة 575 - الجزء 1

  لنا: أن الصلاة ورد الأمر بها مجملاً ولم يزل ÷ يبين حكمها وصفتها بقوله وفعله بتدريج، وكذلك الزكاة فإنه إنما بين تفاصيل الجنس والنصاب بتدريج، وأيضاً فإنه لما ورد قوله تعالى {وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ}⁣[النساء: ٧]، الآية بعث رسول الله صلى الله عيه وآله إلى بني عم أوس بن الصامت - وقد مات عن امرأته وثلاث بنات، وكانا قد زويا ميراثه عنهن على طريقة أهل الجاهلية في عدم توريث النساء - لا يقربا من مال أوس شيئاً، فإن الله قد جعل لهن نصيباً حتَّى يتبين، فنزلت {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}⁣[النساء: ١١]، فأعطى الامرأة الثمن، والبنات الثلثين، وابني العم الباقي.

  ولنا أيضاً: قوله تعالى في المغنم {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى}⁣[لأنفال: ٤١]، ثم بين أن السلب للقاتل، إما عموماً على رأي، وإما إذا رآه الإمام على رأي، وبين أن ذوي القربى بنو هاشم، أو هم وبنو المطلب على اختلاف الرأيين، دون بني أميَّة وبني نوفل، وهذا عام تأخر عنه بيانه إذ أورد من غير بيان تفصيلي، وهو ظاهر، ولا إجمالي؛ إذ لو اقترن به لنقل ولأن الأصل عدمه.

  ولنا: قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}⁣[البقرة: ٦٧]، والمراد بقرة معينة بدليل سؤالهم عن صفتها وجواب الباري لهم حيث قالوا {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا}⁣[البقرة: ٦٨]، الخ الآيات، فلو كانت غير معينة لكان السؤال باطلاً لا يستحقون عليه جواباً، لكن الباري أجاب بأوصافٍ خاصة، ثُمَّ إن البيان تأخر عن الخطاب حتَّى سألوه سؤالاً بعد سؤال، فدل على الجواز، وهذا تأخير له في النكرة المعينة.

  لا يقال: لو كانت معينة لما قال ابن عباس: لو ذبحوا أي بقرة لأجزتهم لكن شددوا فشد الله عليهم، ولما قال: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ٧١}⁣[البقرة: ٧١]، فدل على أنهم كانوا قادرين على الفعل وأن السؤال تعنتاً.

  لأنا نقول: لا نسلم التعنيف على السؤال فإنه يجوز أن يكون على التقصير بعد البيان؛ لأن كلامهما محتمل، فإيجاب المعينة بعد إيجاب خلافه نسخ قبل إمكان الفعل، وهو ممتنع.

  ولنا: أنه روي أن جبريل # قال له: ÷: «اقرأ» قال: «وما أقرأ»، ثُمَّ قال: «اقرأ»، قال: «وما أقرأ»، كرر ذلك ثلاث مرات، ثُمَّ قال بعد الثالثة {بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١}⁣[العلق: ١]، فتبين المراد، وهذا في الأمر.

  المانعون مطلقاً قالوا: لو جاز ذلك فإمَّا إلى مدة معينة أو إلى الأبد، وكلاهما باطل.

  أمَّا إلى مدة معينة: فلأنه تحكم، وبأنه لم يقل به قائل.