الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في النص والظاهر والمأول]

صفحة 580 - الجزء 1

الباب الثامن من أبواب الكتاب: باب الظاهر والمأول

فصل: [في النص والظاهر والمأول]

  (اللفظ المستعمل) في دلالته على معناه (نص) في إفادة ذلك المعنى، (وظاهر) فيها، (ومؤوَّل) على خلاف ما يقتضيه ظاهره.

  (فالنص) له معنيان: لغوي، واصطلاحي.

  فهو (لغة: الظهور) ومنه منصة العروس، لظهورها وارتفاعها عن الأرض، ومنه نصت الظبية جيدها، إذا رفعته، قال امرؤ القيس يصف خليلته بطول عنقها:

  وجيد كجيد الريم ليس بفاحش ... إذا هي نصته ولا بمعطل

  يعني رفعته كما هو عادتها في حال سيرها، ومنه الأثر «كان رسول الله ÷ يمشي فإذا وجد فجوة نص» يعني بالفجوة ما انحدر من الأرض واشتق، ونصُّهُ لذلك: وَثْبُهُ من جانب إلى جانب وارتفاعه من الأرض حال ما ثبت.

  (و) هو (اصطلاحاً) قسمان مختلفان لا يمكن اجتماعهما في حدٍ واحد، فهو لفظ مشترك بينهما:

  الأول: نص (جلي) في إفادة ما دل عليه، (و) حده (هو اللفظ الدال على معنى لا يحتمل غيره بضرورة الوضع) قوله: (اللفظ) جنس يدخل تحته جميع أنواع الكلام، وقوله: (الدال على معنى) خرج المهمل؛ إذ لا يدل على معنى، والمجمل أيضاً لعدم دلالته إلا بعد بيانه، وقوله: (لا يحتمل غيره) خرج الظاهر، وقوله (بضرورة الوضع)، خرج النص الخفي، وسواء كان (اسماً أو فعلاً أو حرفاً)، فالاسم (كمحمد) لشخص معين فإنه نص جلى في الدلالة على مسماة لا يحتمل غيره بضرورة وضعه، (وعشرة) فإنها نص في العدد المذكور المعروف، (و) الفعل مثل قول القائل: (طلقت) زوجتي فإنه نص جلي في إفادة ما وضع له، وهو بطلان الزوجية لا يحتمل غيره بضرورة الوضع، (و) الحرف مثل: أسلمت (كي) أدخل الجنة، فإن كي دال على العلية دلالة لا تحتمل الضد بضرورة وضعها، فهو حينئذ ما دل عليه اللفظ دلالة مطابقة أو تضمن.