الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثامن من أبواب الكتاب: باب الظاهر والمأول

صفحة 583 - الجزء 1

  (واصطلاح اللفظ السابق إلى الفهم منه معنى راجح مع احتماله لمعنى مرجوح) قوله (اللفظ) كالجنس.

  وقوله: (السابق إلى الفهم معنى راجح)، خرج المجمل؛ إذ لا يسبق منه معنى.

  وقوله: (راجح) خرج التأويل.

  وقوله: (مع احتماله لمعنى مرجوح)، خرج القاطع الذي لا يحتمل معنى آخر، وذلك كأسد، فإنه إذا أطلق لم يقطع بأن المراد به السبع لاحتمال أن يراد به المجاز، وإنما غلب السبع بالظن لكثرة المجاز فيه، فهو قسيم للنص بهذا الاعتبار.

  والفرق بينه وبين النص الخفي: أن الظاهر يحتمل أن يراد به المعنيين بخلاف النص الخفي، فهو لا يحتمل إلا معنى واحداً بالنظر كما ذكره في الحواشي، وعلى هذا يدخل في الظاهر العام والمشترك المطلق على معنييه الغير المتنافيين لاحتمال أن يراد به المعنى المرجوح، وهو المعنى الواحد، دليله ما له في المقدمة من أن المشترك ظاهر في معانيه كالعام، وهو الذي يفهم من كلام صاحب الجوهرة.

  ومن حد المهدي للتأويل في قوله: أو قصره على بعض مدلوله؛ لأن التخصص قد دخل في قوله: صرف اللفظ عن حقيقته إلى مجازه وإن كان كلام الشرح يؤذن بخلافه، ويأتي على رأي الأشاعرة وغيرهم ممن قال أنه لا يطلق على معنييه أنه غير ظاهر فيهما؛ لأنه لا يسبق منه معنى معين، وسيأتي للمصنف أن قصر المشترك على أحد معنييه لقرينة من البيان لا من التأويل، وهو يقضي بأن المشترك الذي بتلك الكيفية غير مؤول.

  والذي تحرر لي في هذا المقام أن من حمل المشترك على معنييه لظهوره فيهما جعل المشترك كذلك ظاهراً، والمقصور على أحدهما مؤولاً، والقصر تأويلاً، ومن لم يحمله جعله مجملاً، والمقصور مبيناً، والقصر بياناً، ويأتي على الأول أيضاً ما سلف له في المجمل والمبين والمقدمة أن من المشترك ما هو مجمل كالذي فيه قرينة دالة على إرادة بعض ما وضع له من غير تعيين، أو احتماله للمعنيين المتنافيين من غير قرينة، وما سيأتي للمؤلف هو كالرجوع عما سلف له من أنه ظاهر فيهما، وقد اتبع في ذلك القاضي عبد الله وعلل ذلك بأنه ليس له ظاهر كما ستقف عليه إنشاء الله تعالى.

  (ودلالته) أي الظاهر على معناه الراجح (ظنية في العمليات) وإنما كان كذلك؛ لأن حقيقة الظن التجويز الراجح، وهكذا هذا، (بخلاف النص) فدلالته فيها قطعيَّة؛ إذ يحصل فيه حقيقة العلم: وهو