الباب الثامن من أبواب الكتاب: باب الظاهر والمأول
  {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢]، ليس بمتشابه، وقد أشار الرازي إلى ذلك في محصوله ومثّله بقوله: واسأل القرية، وغيره مثبتاً، وتبعه صاحب المنهاج، وإنما اختلفوا هل أراد الرازي أنه مبين بنفسه أو بغيره. انتهى.
  في المنهاج وشرحه: أن المجمل والمؤول يشتركان في عدم الرجحان إلا أن المجمل وإن لم يكن راجحاً فهو غير مرجوح، والمؤول مع أنه راجح فهو مرجوح، والقدر المشترك بينهما يسمى بالمتشابه وهو مالم يتضح معناه.
  (والتأويل لغة: الرجوع) إذ هو من آل يؤول إذا رجع، ومنه {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}[آل عمران: ٧]، أي طلب ما يرجع إليه معناه وهو مصدر أولى ككلم تكليماً.
  (واصطلاحاً: صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى) المعنى (المرجوح المحتمل، لدليل) يدل على الصرف، فتدخل القرينة المعينة لأحذ معنيي المشترك كما تقدم، وكالقرينة الدالة على أن الأفراس في قوله:
  ضحى القلب عن سلمى وأفطر باطله ... وعزي أفراس الصبا ورواحله
  ليست ذات الحافر، وكذلك الرواحل.
  وكذلك في قوله ÷ «فيما سقت السماء العشر» مع «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة»، وأنت خبير أنه لا يبعد وقوع التأويل في غير اللفظ.
  (وتعرف ظواهر الكتاب) العزيز (والسنة) النبوية (وتأويلها بالسمع) الوارد عنهما (اتفاقاً) بين العلماء لعدم مخالفة أحد في كونه دليلاً، (و) يقع التأويل (بالعقل واللغة والعربية خلافاً للحشوية).
  لنا: أن العقل دليل معمول به، وسنقيم الدلالة على ذلك، والقرآن وارد بلغة العربية وعلى إعرابهم، فلم لا يحمله على ما يقتضيه ذلك مع علمنا بأنه يجب علينا الرجوع فيه إليها.
  (وقالت الإماميَّة والباطنية) إنما يعرف تأويلات الظواهر من الكتاب والسنة (من الإمام) المستور المعصوم بأن يقول: هذا مؤول بكذا، (أو من علمه فقط) لا من غيرهما، وقولهم: هذا مبني على ضلالات محل إبطالها مع ظهوره علم الكلام.
  وسبب الاختلاف في التأويل من جهة الإجمال بالاشتراك وضعاً، أو عروضاً، أو الظهور، واحتمال التأويل والنسخ والبقاء والتفسير والعموم والخصوص واختلاف القراءة أو وضع اللفظ بالإضافة إلى اللغة والشرع، أو تصور ما ليس بناسخ ناسخاً، أو العطف والاستئناف والاستثناء.