فصل: [في أقسام التأويل]
  وسل الخيل، وهذا بخلاف الثاني فهو من باب حذف الفاعل وإقامة ما أضيف إليه مقامه، وهو غير كثير، ولا مشهور في اللغة.
  والثاني: أن قرينة حذف المفعول عقلية ضرورية يعقلها من قرع الخطاب سمعه وإن لم ينظر وقرينة حذف الفاعل عقلية نظرية.
  وفيها وفي كلا الوجهين نظر، وبيانه: أن حذف المفعول والفاعل المضافين وإقامة ما أضيف إليهما مقامهما إن كان مع اللبس لم يجز فيهما، فلا يقال في: رأيت غلام زيد، رأيت زيداً، ولا في جاء غلام زيد، جاء زيد، وقد جاء الملتبس في الشعر فيهما ففي الأول:
  طبيب بما أعي النطاسي خذيما
  وفي الثاني قوله:
  عشية فر الحارثيون بعد ما ... قضى نحبه في ملتقى القوم هوتر
  وإن كان مع عدم اللبس جاز اتفاقاً، وقوله: إنه في الفاعل قليل غير مسلم، بل هو كثير وإن كان الحذف في المفعول أكثر.
  قال شيخنا: ولم يفرق في الحذف بينهما أحد من النحاة على أن ذلك ورد كثيراً كالآية وكقوله:
  واشْتَتَّ بعدك ... يا كُليب المجلسُ
  وقوله:
  أعالك بُعدُ السهل ... أم عالك الجبل
  وقوله:
  قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب
  وبنوا فلان تطؤهم الطريق، وصيد عليه يومان، وقوله تعالى {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ٩٦}[الانبياء: ٩٦]، أي سدهما كما ذكره الزمخشري، وقولهم: جرى الوادي فطم على القرى، وهو بابٌ واسع.
  وقوله: إن قرينة حذف المفعول عقلية ضرورية.
  فالجواب عنه: أنا وإن سلمنا في الآية ذلك فلا نسلم ذلك في غير بابه مثل: واشتت المجلس وعلمت خيبر، بل حذفه فيهما عقلي غير ضروري على أن كون القرينة استدلالية لا يخرج المجاز عن كونه قريباً