الباب الثامن من أبواب الكتاب: باب الظاهر والمأول
  لما أتى به نفياً لاحتمال السهو والتجوز على نادر أيضاً هو مصيره إلى البطلان عند اعتراض الولي لنقيصة إن كانت لا شك أنه بعيد ينزل منزلة اللغز، ولذلك لو قال السيد لعبده: أكرم أيما امرأة لقيتها، ثُمَّ قال: أردت المكاتبة عد ملغزاً هذا مع إمكان قصد تعميمه ويكون الغرض منع استقلال المرأة عن نهوضها بنفسها بما لا يليق بمحاسن العادات نهوضها به بنفسها، ولا شك أن نكاحها من هذا القبيل يشهد به العرف ولا يمكن إنكاره.
  (و) من التأويل البعيد (تأويل بعض الشافعية لقوله ÷) الثابت في السنن الأربعة «(من ملك ذا رحم محرم) فهو حر» وفي رواية النسائي وابن ماجة «(عتق عليه» بالأب فقط) وفي جمع الجوامع: بالأصول والفروع، فقالوا: المراد بالحديث إنما هو الأب أوالأصول والفروع، فهو ليس على ظاهره، بل مؤول بذلك.
  قالوا: وذلك لما تقرر من أنه إنما يعتق بمجرد الملك من دون إعتاق من ذكر فحسب؛ لأنه لا ملك عتق بغير إعتاق، ولكنه خولف هذا الأصل في الأب لما رواه مسلم «لا يجزي ولدٌ والدَه إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه» أي بالشراء من غير حاجة إلى صيغة الإعتاق، أو في الأصول والفروع لهذا، ولقوله تعالى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ٢٦}[الانبياء: ٢٦]، إذ فيه دليل على نفي اجتماع الولدية والعبدية، فبقي ما عدا الفروع والأصول داخلاً تحت الأصل المقرر وهو أنه لا عتق بغير إعتاق.
  ووجه كون اللفظ لا يؤذن بالخصوصية لا بصريحه ولا بمضمونه (مع ظهور عمومه في كل ذي رحم محرم) سواء كان أباً أو غيره، (و) مع (الإيماء إلى وجه العلة) للعتق وهي الرحامة، وصرف العموم عن ظاهره لما ذكروه صارف ضعيف؛ لأن قولهم: لا عتق بغير إعتاق غير مسلم؛ لأنه قد يحصل العتق بغير إعتاق كما إذا أسلم العبد وخرج إلى دار الإسلام، فإنه يعتق بغير إعتاق، والحديث قال النسائي: منكر، والترمذي: لا يتابع ضمرة عليه، وهو خطأ عند أهل الحديث. نعم رواه الأربعة عن غير طريق ضمرة أيضاً، وصححه الحاكم وقال الترمذي: العمل عليه عند أهل العلم.
  (و) من التأويل البعيد (تأويل بعض أئمتنا) وهم زيد بن علي والناصر (والحنفية لقوله تعالى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} بإطعام طعام ستين مسكيناً).