الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثامن من أبواب الكتاب: باب الظاهر والمأول

صفحة 591 - الجزء 1

  قالوا: والآية ليست على ظاهرها، بل على حذف مضافٍ كقوله تعالى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (فيصح) حينئذ كفارة الظهار (لواحد في ستين يوماً) قالوا: لأن المقصود دفع الحاجة، ولا فرق عقلاً بين دفع حاجة ستين شخصاً، ومن دفع حاجة شخصٍ واحد في ستين يوماً.

  ووجه بُعدِه: أنهم جعلوا المعدوم وهو طعام ستين مسكيناً مذكوراً والموجود وهو إطعام ستين معدوماً بحسب الإرادة (مع ظهور قصد) أن يكون المذكور هو المراد؛ لأنه يمكن أن يقصد إطعام الستين دون واحد في ستين يوماً لفضل (الجماعة وبركتهم وتظافر قلوبهم على الدعاء للمكفر) فيكون أقرب إلى الإجابة، ولعل فيهم مستجاب بخلاف الواحد.

  (و) من البعيد (تأويلهم) أي الحنفية (قوله ÷) الثابت معناه في أكثر كتب الحديث من طرق عدة «(في أربعين شاة شاة» بقيمة شاة) قالوا: لما تقدم من أن المقصود دفع الحاجة، والحاجة إلى قيمة الشاة كالحاجة إلى الشاة، وهذا أبعد مما قبله؛ لأنه إذا وجب قيمة الشاة فلا تجب الشاة، فيجب أن لا يكون مجزية وأنها تجزي اتفاقاً، (و) أيضاً حمله على القيمة (هو مبطل لإيجابها) أي الشاة.

  بيانه: أنه يرجع المعنى المستنبط من الحكم وهو دفع الحاجة المستنبط من إيجاب الشاة على الحكم وهو وجوب الشاة بالإبطال، وكل معنى إذا استنبط من حكم أبطله فهو باطل؛ لأنه يوجب بطلان أصله المستلزم لبطلانه، فيلزم من صحة المعنى اجتماع صحته وبطلانه، وأنه محال، فتبقى صحته فيكون باطلاً، وقد يؤتى في تقرير ذلك بعبارة أخرى فيقال: وكل فرع إذا استنبط من أصلٍ أبطل ذلك الفرع ذلك الأصل فهو باطل، فكيف يقوم الظل والعود أعوج.

  (و) من التأويل (المتوسط) بين البعيد والقريب (تأويلهم قوله ÷) المخرج له عن حفصة أبو داود والترمذي والنسائي، ولفظ الأولين «من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له»، وفي آخر «من لم يبيت الصيام من الليل» ولم أجد فيها لفظ المصنف وهو قوله (لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل) فظاهر هذا العموم لكل صيام، ولكنه أخرج عن ظاهره وتؤول (بالقضاء والنذر المطلق والكفارة) أي كفارة كانت (دون غيرها) من شهر رمضان والنذر المعين فيصح بنية من النهار، وهذا إنما كان متوسطاً:

  أمَّا أنه ليس بقريب: فلأنهم حملوه على النادر، فصار أيضاً كاللغز.