الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في أقسام مدلول اللفظ]

صفحة 597 - الجزء 1

  (و) الثالث: قول القائل (أعتق عبدك عني على ألف، أي مملكاً لي) عبداً (على ألف، لاستدعاء العتق تقرير الملك، لتوقف صحة العتق عليه شرعاً) لأن المعتق كما علمت بدون الملك لا يصح شرعاً، (ويسمى) هذا القسم (دلالة الاقتضاء).

  (والثاني: ما قصد فيه اللازم) أيضاً (و) لكن (لم يتوقف صدق اللفظ ولا صحته عقلاً أو شرعاً عليه، ولكن اقترن) ذلك (اللفظ) الذي قصد به اللازم (بحكم) من الأحكام الشرعية على وجه (لو لم يكن ذلك اللفظ) الذي قصد به علة (مقتضية لذلك الحكم) المقترن اللفظ به (لكان ذكر ذلك الحكم) مع اللفظ (بعيداً) لعدم المناسبة بينهما، (نحو) قوله صلى الله عليه في المحرم الذي وقصته ناقته ومات (لا تقربوه طيباً فإنه يحشر يوم القيامة ملبياً) فقوله ÷ فإنه يحشر ملبياً غير موضوع للتعليل، لكن التعليل هاهنا يلزمه؛ لأنه اقترن بحكم وهو قوله «لا تقربوه طيباً» ولو لا اقترانه بذلك الحكم لأجل تعليل ذلك الحكم لكان ذكره بعيداً، والحديث أخرجه البخاري، (و) تمام الكلام على هذا (سيأتي) إن شاء الله تعالى في القياس مفصلاً (ويسمى) هذا القسم (دلالة التنبيه والإيماء).

  (والثالث: مالم يقصد) المتكلم (فيه اللازم) وإنما مقصوده غيره، وإنما فهم ذلك اللازم حال الإطلاق، (نحو) قوله تعالى: ({أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}) الآية (فإنه يلزم من إباحة الرفث في كل الليل جواز الإصباح جنباً) وعدم فساد الصوم، لأن الليلة اسم للمجموع فيجوز الجماع في آخر جزء منها، ويلزم الإصباح جنباً، (وإن لم يكن) ذلك بلا شك (مقصوداً من اللفظ)، ومثله {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} إلى قوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} لأن حل المباشرة إلى الفجر يقتضي ذلك، (ويسمى) هذا النوع (دلالة الإشارة).

  (وجعل بعض أئمتنا وبعض الأصوليين) وهو البيضاوي (غير الصريح على أقسامه) الاقتضاء والتنبيه والإشارة (من باب المفهوم)، وليس بقويم، يدل على كلامنا أنه يقر بالإستدلال بها من يمنع من دلالة القياس والمعنى.

  وقال سعد الدين (التفتازاني) في حاشيته: (والفرق بينهما) أي غير الصريح من المنطوق والمفهوم (محل نظر) إذ لا يظهر الفرق في مثل قولنا: ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما، وقولنا: اعتق عبدك عني على ألف في أن كل منهما حكماً على غير مذكور؛ لأن المحكوم عليه في الأول هو