فصل: [تفصيل أقسام المفهوم]
  به في هذا الحديث أبو عبيد وهو من أئمة اللغة المرجوع إليهم، وكذلك أيضاً يتبادر إلى الفهم من قولهم: الميت اليهودي لا ينصر، أن غيره ينصر، ولهذا يسخرون من هذا الكلام ويضحكون منه.
  ولنا: أن ترتيب الحكم على الوصف يشعر بكون الوصف علة لذلك الحكم لما ستعرفه إن شاء الله تعالى في القياس، فيكون السوم مثلاً علة للوجوب، والأصل عدم علة أخرى، وحينئذٍ فينتفي الحكم بانتفاء الصفة؛ لأن المعلول يزول بزوال علته.
  قالوا: لو كان مفهوم الصفة حقاً لما ثبت خلافه؛ لأنه يلزم التعارض بين المفهوم ودليل خلافه، والأصل عدم التعارض؛ لأنه قد ثبت في نحو: لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة؛ إذ مفهومه عدم النهي عن القليل منه، والنهي ثابت في القليل والكثير منه فلا يكون حقاً.
  قلنا: قولكم أنه يلزم التعارض ممنوع، بل القطع يقع في مقابلة الظاهر، فلا يقوى الظاهر للمعارضة، فلا يقع تعارض بين الطرفين، سلمنا لكن التعارض وإن كان خلاف الأصل وجب المصير إليه عند قيام الدليل وهو أكثر من أن يحصى.
  قالوا: قال تعالى {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} فإنه لو كان كما قلتم لكان في الآية دليل على جواز القتل عند انتفاء خشية الإملاق وهو الفقر وليس كذلك، بل هو حرام.
  قلنا: هذا غير المدعى؛ لأن مدعانا أنه يدل حيث لا يظهر للتخصيص فائدة أخرى كما تقدم.
  وهنا فائدتان، إحداهما: أنه الغالب من أحوالهم أو الدائم.
  والثاني: أنه يدل على المسكوت عنه بطريق الأولى.
  (و) هذه الأنواع من مفهوم الصفة أعني الاسم المشتق والمتجدد المتدارك والوارد بياناً لمجملٍ (لا وجه لعدها من أقسام) مفهوم المخالفة (مستقلة) بنفسها (إذ هي من أنواعه) أي من أنواع مفهوم الصفة (فلا تكون) هذه الأنواع (قسيمة له) لأن قسيم الشيء غيره، وهذه ليست غير مفهوم الصفة.
  (وكذا مفهوم الحال) فإنه لا وجه لعده قسماً مستقلاً؛ لأنه راجع إلى مفهوم الصفة؛ لأن الحال في المعنى صفة لصاحبها فهي نوع منه لا قسيمة له، وذلك (نحو) قوله تعالى: ({وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا}) وهذا حال مفرده وعاملها يقتل وصاحبها الضمير المستكن فيه، (و) كذا قوله تعالى: ({وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}) وهذا حال في الجملة مستعملة بالواو والضمير.