الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [تفصيل أقسام المفهوم]

صفحة 612 - الجزء 1

  وأيضاً: عقلت الأمة من تحديد جلد القاذف بالثمانين نفي الزيادة، وقد يقال: إن ذلك النفي إنما عقل بالبقاء على حكم الأصل.

  احتج البيضاوي: بأن طرفي العدد المذكور يخالفاه، والمتخالفان لا يجب اتفاقهما ولا اختلافهما.

  قلنا: ما ذكرته ممكن إجراؤه في مفهوم الصفة فوجب أن لا يدل على نفي الحكم عما عداه، مع أن هذا القائل لا يقول به.

  (فأمَّا حيث يراد بالعدد المبالغة كسبعين مرة) في قوله تعالى {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (فلا يعمل بمفهومه) وذلك لأنه لم يرد بالسبعين العدد حقيقته، وإنما أريد المبالغة، وإذا كان مبالغة فتساوي السبعين وما زاد عليه.

  فإن قلت: ألم يثبت أن النبي # قال «والله لأزيدن على السبعين»، فعقل أن الحكم منتفي عن الزيادة.

  قلت: إنما قال ÷ ذلك استمالة لقلوب الأمة وترغيباً لهم في الدين وإظهار لغاية صحته على من بعث إليه كقول إبراهيم # {وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٣٦} وإلاَّ فإن رسول الله ÷ أفصح من نطق بالضاد لا يخفى عليه أساليب الكلام في تمييلاته كيف، وقد تلاه بقوله {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا} فبين الصارف عن المغفرة لهم، والعدد هذا وارد في لغة العرب إذا أرادوا التكثير.

  قال أمير المؤمنين #:

  لأصبحن العاص وابن العاص ... سبعين ألفاً عاقدي النواصي

  (و) الخامس من المفاهيم (مفهوم الحصر وأنواعه خمسة:)

  الأول: (مفهوم الاستثناء نحو) قولنا: (لا إله إلا الله) فمعناه نفي الإلهية عما سواه، فإثباتها له، [فنفي إلاهية غير الله منطوق، وإثبات إلاهية الله مفهوم، كما صرح به سعد الدين]⁣(⁣١)، (ونحو: اقتلوا المشركين إلا الذين عاهدتم) فإنه يفهم أنهم لا يقتلون، (ويعمل به عند أئمتنا والجمهور) من العلماء، وهو معنى قولهم: إن الإستثناء من النفي إثبات وبالعكس، (خلافاً للحنفية) فقالوا:


(١) مابين القوسين ثابت بالتصحيح في هامش (أ)، وساقط من الأصلية.