الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [تفصيل أقسام المفهوم]

صفحة 617 - الجزء 1

  وقولُ أبي حيان: - هذا شيء انفرد به الزمخشري - مردودٌ لما ذكرنا.

  وقولُه: إن دعوَى الحصر هاهنا باطلة لاقتضائها أنه لم يوح إليه غير التوحيد.

  مردودٌ أيضاً، بأنه حصر إضافي، وخطاب النبي # للمشركين، فالمعنى ما أوحى إلي في أمر الربوبية إلا التوحيد لا الإشراك.

  وقد نسب شارح الجمع قول ابن حيان إلى الجمهور، فقال ما لفظه: والذي عليه الجمهور أن إن مصدرية مكفوفة بما ولم يصرحوا بذلك في الآية فيما علمت اكتفاء بكونها فيها من أفراد إن، وعلى هذا معنى الآية الأولى ما يوحى إلي في أمر الله إلا وحدانيته، أي لا ما أنتم عليه من الإشراك، ومعنى الثانية: اعلموا حقارة الدنيا فلا تؤثروها على الآخرة الجليلة، فنفى أن في الآيتين على المصدرية كافٍ في حصول المقصود بهما من نفي الشريك عن الله تعالى وتحقير الدنيا.

  (و) الثالث من أنواع مفهوم الحصر (مفهوم الفصل) وهي صيغة مرفوع منفصل: يتوسط (بين المبتدأ والخبر إذا كان) الخبر (معرفة) بما يفيد العهدية من لام أو إضافة أو موصول، ولا استبعاد في جريان التخصيص.

  قلنا: أو تعيناً في المعهود وقد صرحوا بأنَّ الفصل: يفرق بين النعت والخبر، ويفيد تأكيد ثبوته للمخبر عنه وقصره فيه، فأمَّا إذا كان معرفاً بما يفيد الجنسية فالقصر قد يستفاد من نفس المعرف، وضمير الفصل: يفيد تأكيد ذلك القصر فقط، وقد لا يوجد قصر أصلاً فيفيد ضمير الفصل: حينئذٍ مجرد تأكيد ثبوت المسند للمسند إليه ذكر معنى ذلك بعض المحققين، ولا بد أن تكون الصيغة مطابقة للمبتدأ في الإفراد وفرعيه، والتذكير وفرعه، والغيبة والتكلم والخطاب كما سيأتي إنشاء الله تعالى من الأمثلة، وربما وقع بلفظ الغيبة بعد حاظر لقيامه مقام مضاف غائب، قال:

  وكائن بالأباطح من صديق ... يراني لو أصبت هو المصابا

  أي يرى مصابي هو المصاب وإنما قلنا صيغة للخلاف هل هو ضمير أو لا.

  (أو) كان الخبر (أفعل من كذا) ووجهه توسطه هنا مشابهة أفعل لذي اللام، ووجه مشابهته له أن مخصصه جوف نقيضها أفعل التفضيل، معنى أعني من فهي ملتبسة به ومتحدة معه كما أن مخصص ذي الأحرف متحد معه، أعني اللام، ومن ثَمَّ جاز: ما يحسن بالرجل خير منك أن يفعل كذا، وتكون من التفضيلية كلام التعريف لا يجتمعان، فلا نقول: الأفضل من زيد.