فصل: [تفصيل أقسام المفهوم]
  (أو) كان الخبر (فعلاً مضارعاً) لكونه مشابهاً للاسم، وامتناع دخول اللام عليه يشابه الاسم المعرفة، فأمَّا الماضي نحو: زيد هو قال، فلا يجوز لعدم المشابهة، حتَّى يقال فيه كأنه اسم امتنع دخول اللام عليه، وهذا القول للمازني والسكاكي.
  وقد قال نجم الدين قوله: لا يجوز زيد هو قال، باطلٌ، لقوله تعالى {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ٤٣ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ٤٤}، إذا عرفت هذا فسواء كان (قبل دخول العوامل اللفظية) أ (و بعدها) وهو باب ظن وباب أن وما الحجازية وباب كان:
  فالأول: (نحو) قوله تعالى ({فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ}) وقوله تعالى ({إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى}) وظنية هو الكريم، وما زيد هو المنطق، {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ}.
  (و) المتوسط بين المبتدأ ولخبر؛ إذا كان أفعل التفضيل مثل (زيد) هو (أفضل من عمرو)، وإذا كان فعلاً مضارعاً فهو مثل ({إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ}) وقوله تعالى {وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ١٠}، فهذه الأمثلة أفادت القصر والحصر، فمعنى {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} قصر الولاية على الله تعالى لا يتجاوز إلى غيره، وكذلك سائرها.
  (و) الرابع (مفهوم تقديم المعمول) إمّا بلا واسطة حرف جر (نحو) قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥} معناه نخصك بالعبادة والاستغاثة أو معها، وذلك في قوله تعالى ({فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}) أي اقتد بهداهم لا بغيره، (ونفاه ابن الحاجب وأبو حيان) فقالا: ليس بمفهوم.
  لنا: استشهاد أئمة التفسير بذلك مع أن الدور يقتضي ذلك، وبهذا يسقط قول ابن الحاجب من أن التقديم في نحو: الله أحمد، وإياك نعبد، للإهتمام، ولا دليل على كونه للحصر، لأن الذوق وقول أئمة التفسير دليلان عليه، والإهتمام أيضاً حاصل؛ لأنه لا ينافي الاختصاص.
  احتجا: بأن لا دليل على الحصر، فلا يفيد التقديم إلا الاهتمام.
  قلنا: الدليل ما ذكرناه من شهادة الذوق وكلام أئمة التفسير، وأيضاً فقد ذكر بعضهم أنه لا يكفي أن يقال: قدم للعناية والاهتمام، بل لابد من تفسير العناية بوجه آخر، وأكثر ما يكون الحصر كما عرفت على أن شهادتهما على نفي وشهادتنا على إثبات، والمثبت أولى من النافي.
  (و) الخامس من أنواع مفهوم الحصر: (مفهوم حصر المبتدأ المعرف لغير معهود) أي ليس هناك قرينة تدل على العهد؛ إذ لو وجدت خرج عن محل النزاع ولم يدل على نفي الصداقة