الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [تفصيل أقسام المفهوم]

صفحة 622 - الجزء 1

  لنا: أنه كان يلزم من قولنا محمد رسول الله ÷ ظهور الكفر؛ لأن مفهومه نفي رسالة غيره من الأنبياء، وكذا من قولنا العالم موجود، وزيد موجود، وعمرو عالم أو قادر، إذ يفهم منه نفي هذه الصفات عن الغير فيلزم نفيها عن الله سبحانه وتعالى، بل كان زيد موجود ظاهر كذبه، واللوازم باطلة إجماعاً.

  واحتج المخالف: بأن المتكلم لو قال لمن يخاصمه: ليست أمي زانية أو أختي لتبادر إلى ذهن السامع نسبة الزنا إلى أم الخصم وأخته، ولذلك وجب عليه الحد عند بعض العلماء، ولولا مفهوم اللقب لما تبادر ذلك.

  قلنا: ذلك مفهوم من القرائن الحالية ونحو الخصام وإرادة الإيذاء إلا لأن اللفظ ظاهر فيه لغة وهو محل النزاع، وذلك بمعزل.

  واحتج ابن زيد: بأن الله تعالى إذا علق الحكم على الجنس الخاص ولم يعلقه على الجنس العام علمنا أنه غير متعلق به؛ إذ لو كان متعلقاً به لعلقة الله عليه، وذلك نحو: أن يقول: في الغنم زكاة، فيعلم أنها لو كانت الزكاة تجب في غير الغنم تعلق الزكاة بها، فقال في الأنعام زكاة بخلاف العلم فإن تصحيح الكلام بدونه غير مفيد.

  قلنا: مقتضى احتجاجهم أنا إنما علمنا أنه لا زكاة في غير الغنم؛ لأنه لم يقم دليل على وجوبها فيه لا لأجل حكمه بوجوبها في الغنم، فلم تحصل الدلالة على ذلك بذكرها للغنم، بل يعقد الدليل ولا فائدة في ذكرها للغنم إلاَّ إيجابها فيها فقط، على أنه يجوز أن يكون المصلحة في أنه تبين لنا حكم الغنم في ذلك الوقت بذلك الكلام وتبين لنا حكم غيرها بكلام آخر في وقت آخر.

  (فأمَّا في التعليم فيعمل به) ومثل ذلك يجر التخالف وهو قوله ÷ «إذا اختلف البيعان في القدر والصفة فليتخالفا وليترادا» فإنه ÷ أراد أن يعلمنا كيف نعمل عند التخالف فيما ذكرنا، فهو لنا قاعدة كلية تدخل تحتها جزئيات كثيرة فيعمل بهذا المفهوم حينئذ، وقد اعتمده أهل المختصرات وبنوا عليه مثل المهدي في أزهاره.

  قال ابن الحاجب: في اعتراض له على الزمخشري في شرح المفصل: إن مفهوم اللقب يدخل في الشرعيات، فهو يؤخذ به في كلام المصنف، لأن هذه المصنفات مواضع تعليم والله أعلم.