الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في معنى النسخ]

صفحة 9 - الجزء 2

  الضد الأول ينتهي بذاته، ويحصل ضده من بعد ذلك من غير أن يكون للضد الطارئ أثر في إزالة ما قبله؛ لأن الزائل بذاته لا يحتاج إلى مزيل، وإذا ظهر هذا التمثيل عادة الدلالة، بل المذكور في تلك المسالة إلى هذه المسألة نفياً وإثباتاً، فنقول: لنا إن الحكم الحادث ضد السابق، وليس رفع الحادث للسابق بأولى من دفع السابق الحادث.

  فإن قيل: بل الحادث أولى من الباقي؛ لأجل حدوثه.

  قلنا: قال في المحصول: لا نسلم فكما أن الشيء حال حدوثه يمتنع عدمه، والباقي حال بقائه أيضاً كذلك؛ لأن كلام الحادث والباقي لكونه ممكناً يحتاج إلى سبب، ومع السبب يمتنع عدمه، فإذا امتنع العدم عليهما استويا في القوة فيمتنع الرجحان.

  ولنا أيضاً: أن طريان الطارئ مشروط بزوال المتقدم، فلو كان زوال المتقدم معللاً بطريان الطارئ لزم الدور وهو محال.

  ولنا أيضاً: أن الطارئ إمَّا أن يطرأ حال كون الحكم الأول معدوماً أو موجوداً، فإن كان الأول استحال أن يؤثر في عدمه؛ لأن انعدام المعدوم محال، وإن كان الثاني فقد وُجد مع وجود الأول، وإذا وجد تأدى معاً لم يكن بينهما منافاة، وإذا لم يكن بينهما منافاة لم يكن أحدهما رافعاً للآخر.

  القائلون بالرفع، قالوا:

  أولاً: النسخ في اللغة عبارة عن الإزالة، فوجب أن يكون في الشرع أيضاً كذلك؛ لأن الأصل عدم التغيير.

  قلنا: هذا تمسك بمجرد اللفظ وهو لا يعارض الدلائل العقلية.

  قالوا: ثانياً: إن الخطاب كان متعلقاً بالفعل فذاك التعلق يمنع أن يكون عدمه لذاته، وإلا لزم أن لا يوجد وإن لم يوجد يكن لذاته، فلا بد من مزيل ولا مزيل إلا الناسخ.

  قلنا: كلام الله متعلق باقتضاء الفعل إلى ذلك الوقت المعين والمشروط بالشيء عند عدم الشرط فلا يفتقر زواله إلى مزيل آخر.

مسألة [الخلاف في وقوع النسخ]

  (واتفق المسلمون على جوازه) أي النسخ (عقلاً، و) على (وقوعه شرعاً):