الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في أحكام الألفاظ]

صفحة 68 - الجزء 1

  لأنا نقول: إن قولنا قدرة تفيد صحَّة الفعل، وقولنا معدوم تفيد انتفاء صفة الوجود وصحَّةِ الوجود، فلم يعريا عن الفائدة.

  (وهو) أي المفيد ينقسم إلى: (حقيقة و) إلى (مجاز) وسيأتي الكلام عليهما مستوفىً إن شاء الله تعالى، وظاهر كلام المؤلف انحصاره في الحقيقة والمجاز وفاقاً للأكثر، وخلافاً لصاحب التلخيص.

  فالحقيقة (كأسد للسبع) المعروف، (و) المجاز أن يُطلق على (الرجل الشجاع) بجامع الجرأة والشجاعة.

  (و) المفرد (إلى جار مجرى المفيد: وهو الموضوع بإزاء أمر لا يختص بذات دون أخرى، كشيء) فإنه وضع بإزاء أي ذات وأي صفة، لا باعتبار إفادته معنى فيهما خاصاً، لكنه يفيد بالتبعية فائدةً تعم تلك الذات أو الصفة وغيرها، وهو كونه يصح العلم به، فمن حيث لم يتميز به معنى لم يكن مفيداً، ومن حيث أنه يفيد ماهيَّة متعلقة في الذهن وهوَ كونه معلوماً، كان جارياً مجرى المفيد.

  وقد يقال: ما أردت بالذات، حتَّى يكون شيء لا يختص بذات دون ذاتٍ، هل ما يشتمل الجواهر والمعاني كما يقال في علم الكلام؟، فذلك بمعزل عن معناه اللغوي، وأنت بصدد تفسيره، فإنا لهمنا الترادف، ثُمَّ أنَّه أخفى من المجرور، فإن شيئاً أجلى من ذات بهذا المعنى؛ لأنَّه دون إثبات المعاني حتَّى يكون ذواتاً كما يقال في علم الكلام خرط القتاد، على أنَ الشيء يطلق على الصفة أعني أن أهل اللغَة يطلقون الشيء على الصفات؛ لعدم دريتهم بما اصطلح عليه أهل الكلام، فأمَّا هم فلا يسمون الصفات شيئاً.

  أو أردت ما يقابل المعاني والصفات، والمعلوم أنَّها من أفراد الشيء أيضاً في اللغة؛ لأن الشيء فيها ما يصح العلم به والخبر عنه، والحقيقة تعم المعاني والصفات وانتفاء الترادف، اللهم إلا أن تكون الذات في اللغة كالشيء يطلق على ما يصح العلم به والخبر عنه كائناً ما كان.

  (و) المفيد والجاري مجراه (لا يجوز تغييرهما)، بأن يسمى الحيوان الناطق باسم لم تضعه العرب، أو يسمى ما يصح كونُه معلوماً باسم كذلك، ويسلب عنهما لفظ الإنسان والشيء، (واللغة بحالها) أي لم تتغير، بمعنى أنه ممتنع تغير مدلولهما في لغة العرب، فأمَّا تغييرهما مع الخروج عنها فلا حجر فيه.

  (وإلى غير مفيد ولا جارٍ مجراه وهو العَلَم كزيد) فإنَّه لا يفيد إبانة المسمى عن غيره بصفة أو حكم، ولا ماهيَّة متعلقة في الذهن؛ لأنه إنما وضع للتفرقة بين الأشخاص، (و) العلم (يجوز تغييره) وتبديله باسم آخر كأن يسمي ما كان يسمى بعمرو زيداً، بحيث لا يستعمل الأول فيه،