الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [أركان النسخ وشروطه المعتبرة وغير المعتبرة]

صفحة 13 - الجزء 2

  قالوا: لو نسخ شريعة موسى لبطل قول موسى هذه شريعة مؤبدة ما دامت السموات والأرض، ولا يمكن بطلانه سنداً لكونه متواترة، ولا معنى لكونه قول رسول.

  قلنا: نحن نلتزم ونمنع كونه قول موسى متواتر، بل هو مختلق قيل من ابن الرواندي، لأنه لو كان صحيحاً عندهم لقضت العادة بأن يقولوا للنبي صلى الله عليه ويحتجوا به عليه ولم يقع وإلا لاشتهر عادة.

(فصل): [أركان النسخ وشروطه المعتبرة وغير المعتبرة]

  (وأركانه) أي النسخ (أربعة):

  الركن الأول: (الناسخ وهو الشارع) الله أو رسوله فيقال: إن الله نسخ التوجه إلى بيت المقدس فهو ناسخ (وقد يطلق) الناسخ (على الطريق) الشرعية المبنية لا من الحكم وزواله كقولنا: أن الآية الدالة على قتل المشركين ناسخة لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ١٠٥}⁣[المائدة: ١٠٥]، ونحوها.

  (و) قد يطلق (على محكمها) الطارئ الذي ارتفع لأجله حكم غيره الشرعي كقولنا: إن وجوب صوم رمضان ناسخ لوجوب صوم عاشوراء، (و) قد يطلق (على مُعتَقِد النسخ) للحكم فيقال: فلان ينسخ الكتاب بالسنة أي يعتقد ذلك.

  نعم، وظاهر إطلاق أبي الحسين، والقاضي فخر الدين، والقرشي ¦، أن الناسخ يستعمل فيها أجمع على سبيل الحقيقة، وربما سبق إلى ذهن بعضهم أن إطلاقه على الثلاثة الأخر مجاز وهو يخالف إطلاقهم.

  (و) الركن الثاني: (المنسوخ: وهو الحكم الشرعي المبين انتهاؤه كما تقدم) بيانه في حد النسخ.

  (و) الركن الثالث: (المنسوخ به: وهو الطريق الذي يثبت بها النسخ) كما تقدم (و) الركن الرابع (المنسوخ عنه وهو المكلف) بالفعل أو الترك.

  (وشروطه) أي النسخ (المعتبرة) التي لا يصح النسخ إلا بها (أن لا يكون المبين انتهاؤه) وهو المنسوخ (ولا المبيِّن للانتهاء) وهو الناسخ (عقليين) ولو كان معنى النسخ موجود في ذلك، وذلك (كبيان انتهاء البراءة الأصلية بالعبادات) كوجوب الصلاة مثلاً، (وبيان انتهاء التكاليف بالموت ونحوه) أي الموت كالجنون والإغماء، فإن البراءة الأصلية لا تعد منسوخة بها، ولا يُعد الموت ناسخاً للتكاليف، (وأمَّا بيان انتهاء موافق العقل) من الأحكام الشرعية (فنسخ) كما لو