الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [أركان النسخ وشروطه المعتبرة وغير المعتبرة]

صفحة 14 - الجزء 2

  حرم شيء من الحيوان ثُمَّ أحل لنا فإنه يكون نسخاً للتحريم الموافق للعقل؛ لأن ما قضى فيه العقل بقضية مشروطة يسمى شرعياً كما سنعرفه إنشاء الله تعالى.

  (و) الشرط الثاني: (مضي وقت) بعد الأمر بالفعل والنهي عنه (يمكن فيه فعل) المأمور به أولاً وهو المنسوخ، (و) يمكن (تركه) أي المنسوخ المنهي عنه أولاً، وهذا معتبر (في الواجب الموسع والمطلق)، فأمَّا إذا كان مؤقتاً ولم يتسع وقته إلاَّ له فإن نسخه في وقته يكون قبل إمكان فعله وبعد خروج وقته هو غير مأمور به، فلا نسخ، وقبل وقته لم يجب فينسخ إلا إذا كان متكرراً كالصوم فإنه يصح نسخه بعد الإمكان، وإنما النسخ لما وقته ممتد فيمضي ما يمكن فعله فيه ثم ينسخ، كالصلاة المأمور بها من الزوال إلى وقت العصر، فإنه يصح نسخها في وقتها بعد مضي ما يمكن تأديتها فيه، (وسيأتي) ذكره إن شاء الله تعالى عند بيان أنه لا يجوز نسخ الشيء قبل إمكان فعله.

  (و) الشرط الثالث: (كون) الحكم (المبين انتهاؤه هو الحكم الشرعي لا الصورة المجردة مع بقائه) أي بقاء ذلك الحكم، وذلك لأن النسخ لا يرد إلا في المصالح والمفاسد، وإنما يكون ذلك في الأحكام، وأمَّا الصورة فهي أمور ذهنيَّة لا تتعلق بها مفسدة ولا مصلحة، فلا يصح نسخ صورة القيام والقعود مع بقاء فرض الصلاة على النحو المشروع، بل إنما يتعلق النسخ بحكمها وهو الوجوب، لو ثبت ذلك وهذا حكم كل منسوخ.

  (و) الشرط الرابع: (تغير المصلحة من المنسوخ إلى ناسخه) فلا يبقى في المنسوخ مصلحة، ووَجه اشتراط ذلك عرفان الناسخ من المنسوخ، وذلك لأن الله سبحانه لو أمر عبيده بصلاة أربع ركعات وقت الظهر ثُمَّ نسخها بأربع ركعات في ذلك الوقت منسوخة به المصلحة لم يتميز لنا الناسخ من المنسوخ؛ إذ لم ينقل منه مصلحة؛ لأنه نفسه.

  واعلم أن الحشوية جعلوا الأوَّل والثاني شرطين في التسمية، والثالث شرطاً في الإمكان، والرابع شرطاً في الحسن.

  واعلم أنه كما أن للنسخ شروطاً معتبرة، فله شروط غير معتبرة، فقلنا:

  (ولا يشترط) في صحة النسخ (عند أئمتنا والجمهور) من العلماء (الإشعار) من الشارع (عند ورود المنسوخ بأنه سينسخ، مطلقاً) سواء قيد بالتأبيد أو لاَ، (خلافاً لأبي الحسين