فصل: [في أحكام الألفاظ]
  فإن ذلك التغيير صحيح، (واللغة بحالها) لأنه لم يكن بوضع من واضع اللغة، حتَّى إذا سلبنَا عنه ذلك خالفنا وضع اللغة، وهذا هو اصطلاح الأكثر.
  وقال (الإمام) يحيى بن حمزة # - وحيث يطلق لفظ الإمام في هذا الكتاب فالمراد بذلك يحيى بن حمزة #، كما أن ابن الحاجب إذا أَطْلَقَ لفظَ الإمام فهو الجويني(١)، وصاحب الجمع ومتَابعوا الرازي إذا أطلقوه أرادوا أنه الرازي - (وبعض الأصوليين) كأبي الحسين وغيره، (وأهل) متن (اللغة والعربية: بل هما) أي الجاري مجرى المفيد وغير المفيد (من المفيد وليسا بمستقلين) بحيث يعد كلٌّ منهما قسيماً للمفيد، فلا يقسمون المفرد إلى هذه الأقسام؛ لأن من المعلوم أنه لا فرق بين قولنا شيء وبين قولنا فرس وأسد وسواد، فإن كل واحدٍ من هذه الأسماء مفيد لما وضع له في أصل اللغة، كإفادة قولنا شيء لما وضع له أيضاً، من غير فرق، وهكذا أيضاً أسماء الأعلام فإنها مفيدة أيضاً، قالوا: ويدل على كونها مفيدة أمران:
  أمَّا أولاً: فلأنا نعلم بالضرورة تفريقهم بين قولنا زيد وبين قولنا ديزٍ، ولا فرق يُعقل إلا من جهة كون أحدهما مفيداً والآخر غير مفيد.
  وأمَّا ثانياً: فلأن الإجماع منعقد عند أئمة الأدب من اللغة والنحاة على عدها في أقسام المفيد، ثُمَّ قال الإمام: لا يقال: فلو كان العَلَم مفيداً لما جازَ تغييره واللغة بحالها، كما لا يجوز تغيير قولنا أسدٌ وفرسٌ وسوادٌ، فلما غيروا واللغة بحالها دل على كونه غير مفيد؛ لأنا نقول: هذا فاسد، وأي مانع من جواز تغيير المفيد، وانقسامه إلى ما يجوز تغييره واللغة بحالها كأسماء الأعلام، وإلى ما لا يجوز تغييره واللغة بحالها كسائر أسماء الأجناس، فلو كان غير مفيد كما زعموا لما جازَ استعماله ودورانه على ألسنتهم، كما لم يستعملوا قولنا ديز في حالةٍ أصلاً(٢).
  قلنا: إنْ أردنا بما لا يفيد ما لا يفيد فائدة، وأسماء الأعلام إنما تفيد التمييز فقط.
  قال: (والمركب ينقسم إلى قسمين: خطاب وغير خطاب، فالأول) وهو: الخطاب (ما قصد به المتكلمُ إفهامَ غيره معنى) أي شيء، يدخل تحت المقصد بذلك المركب، فالوصف بقوله (من
(١) الجويني: هو عبد الملك بن محمد بن عبد اللّه الجويني، المعروف بإمام الحرمين، من كبار متكلمي الأشعرية، وهو أستاذ الغزالي، توفي (٤٧٨) هـ، له في أصول الفقه البرهان، والورقات.
(٢) قال الشيخ لطف الله الغياث: ولا مشاحة في الإصطلاح، تمت من حاشية الأصل.