الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): (فيما يجوز نسخه وما لا يجوز نسخه من الأحكام)

صفحة 23 - الجزء 2

  وكالشد على الإبل والركوب على الخيل والحرث على البقر وغير ذلك من الانتفاعات بالحيوانات، وكذلك الصلاة وما فيها من وضع اليدين ورفع العجيزة، فإن العقل يستقبحها بشرط أن لا يكون لنا فيها مصلحة، وكذلك استقباح كشف الرأس والهرولة سيما لذي السن والرئاسة، وكذلك تقبيل الحجر والرمي بالأحجار، (و) هذا القسم (يطابقه الشرع)، وذلك بأن ينهى الشارع عن أكل بعض الحيوان فإن هذا شرعي مطابق للعقل، (وهو) أي هذا القسم من العقلي (حينئذٍ) أي حين طابقه الشرع (شرعي، تغليباً للطارئ) وهو الشرع المطابق له؛ لأنه الذي حصل به الجزم بالحكم حيث علم منه عدم حصول الشرع بعد أن كان مجوزاً في العقل، (لا) أنه (عقلي تغليباً للسابق) وهو ما كان يقضي به العقل من قبح الإيلام؛ لأنه يقضي بذلك قضية مشروطة (خلافاً لقوم) منهم الشيخ الحسن الرصاص والحفيد، فإنهم زعموا أنه سمي عقلياً لما ذكره المؤلف.

  (ولا يشترط في المطابقة) التي لأجلها يصير الحكم العقلي شرعياً بين الحكمين (أن يكون إلى وفاة النبي ÷ قيل خلافاً لأبي الحسين) فإنه اشترط ذلك.

  (ولا) يشترط المطابقة (بسنة خلافاً للشيخ) فإنه اشترطه.

  لنا: لا دليل على ما قالاه، ولعل حجة من اشترطها إلى الوفاة له ÷ أن الشرع لم يستقر إلا بوفاته لأمن الناسخ حينئذ.

  (وتظهر فائدة الخلاف في النسخ) فعلى قولنا: أنه حكم شرعي، فيجوز نسخه كسائر الأحكام الشرعية، وعلى قول أبي الحسين: لا يجوز نسخه رأساً؛ لأنه لا يقطع بالمطابقة إلا بعد موت النبي، فلا يصير شرعياً إلى ذلك الوقت ولا نسخ بعد وفاته ÷، أو يصير النسخ شرعاً مبتدأ، وقد كمل الدين وعند الشيخ أنه قبل السنة لا يجوز نسخه وبعدها يجوز؛ لأنا قد قطعنا بالموافقة، فيكون شرعياً.

  وكذلك أهل القول الأوَّل الذين قالوا: يسمى عقلياً تغليباً للسابق، ثمرة الخلاف تظهر بيننا وبينهم في النسخ وكلامهم هو ثمرة كلام أبي الحسين إلا أنهم يخالفونه في التسمية، فهو يسميه بعد موت النبي ÷ شرعياً وهم لا يسمونه بذلك، والله أعلم.

  (و) قد (يخالفه) أي الشرع يخالف العقل كالأمر من الشارع بالذبح فإنه مخالف لما يقضي به العقل من تحريم الذبح للحيوان وذلك الشرع المخالف إمَّا (واجباً كدم الفدية) فإنه واجب عند قتل