(فصل): [نسخ القرآن]
  ونسخ القرآن بالقرآن: قد يكون (حكماً) فلا يبقى ما يدل عليه من الحكم معمولاً به، (وتلاوة) فلا يبقى اللفظ قرآناً، (نحو) ما روى مسلم عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن (عشر رضعات محرمات) ثُمَّ نسخ بخمس رضعات، وقد نسخ تلاوته وحكمه.
  (و) قد يكون (حكماً دون تلاوته)، فلا ينسخ (خلافاً لقوم).
  لنا: أنا نقطع بالجواز فإن جواز تلاوة الآية حكم من أحكامها وما تدل عليه من الأحكام حكم أخر لها ولا تلازم بينهما، وإذا ثبت ذلك جاز نسخ الحكم دون التلاوة كسائر الأحكام المتباينة.
  ولنا أيضاً: الوقوع وأنه دليل الجواز.
  (كآية الاعتداد بالحول) وهي قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} فإن هذه منسوخة بالآية الدالة على الاعتداد بأربعة أشهر وعشر وهي {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}.
  قالوا أولاً: بقاء التلاوة دون حكمها يتضمن حصول الدليل ولا مدلول، وذلك يرفع الثقة بالأدلة.
  قلنا: لا يلزم من نسخ الحكم دون التلاوة ما ذكرتم من الانفكاك؛ لأنه إنما يدل ثبوت التلاوة على ثبوت الحكم، ولا يدل دوامها على دوامه، ولذلك فإن الحكم قد ثبت بها مرة واحدة والتلاوة تكرر أبداً، وإذا كان كذلك فإذا نسخ الحكم رجل فهو نسخ للدوام وهو غير المدلول فلا يلزم انفكاك المدلول، بخلاف نحو العالمية مع العلم فإنهما يتلازمَان ابتداء ودواماً فلا يصح قياس ما نحن بصدده عليه كما ذكره الخصم.
  سلمنَا، فإن الشرعي إنما يثبت مهما أراد واضعه دلالته، ومع النسخ لا إرادة، وإنما يمتنع بقاء الدليل ولا مدلول في العقلي.
  قالوا ثانياً: تزول فائدة القرآن.
  قلنا: لا نسلم وإنما يلزم لو انحصرت فائدته فيما ذكرتم، (و) هو ممنوع لجواز أن يكون (فائدته: كونه معجزاً) بفصاحة لفظِه (وقرآناً يتلى) للثواب.
  (و) يجوز النسخ للقرآن (تلاوة دُون حكم خلافاً لبعض المعتزلة) في نفيه لذلك.
  لنا: ما تقدم، والوقوع وأنه دليل الجواز (نحو) ما رواه الشافعي وغيره عن عمر ¥ أنه قال: (لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها (الشيخ والشيخة إذا زنيا