(فصل): [في نسخ السنة]
  قال القاضي عبد الله: وكالنهي عن ادخار لحوم الأضاحي، ثُمَّ إباحة ذلك، قال: وظاهر كلام الشيخ أن هذه الآحاديث متواترة، فإن كانت كذلك فكما ذكروا، وإن كانت آحادية فما دل على جواز نسخها بعضها بالبعض مع نقلها بالآحاد يدل على الجواز لو نقلت بالتواتر؛ لأن العلة استوائها.
  (و) يجوز نسخ (الآحادي بالمتواتر) وهذا أيضاً مما لا خلاف فيه، فإنه لما تنافى حكمها وأحدهما أقوى من الآخر جاز نسخه به.
  (وكذا) يجوز (نسخهما) أي المتواتر والآحاد (بالقرآن) قال في الحواشي: وهو قول أمير المؤمنين في النهج، وقرره الإمام في شرحه، (خلافاً لبعض أئمتنا وأحد قولي الشافعي) ذكر ذلك في الرسالة، ولم يذكر الإمام وصاحب الجوهرة قولين للشافعي، وهذا الذي في المتن حكاه ابن الحاجب، فهؤلاء منعوا من ذلك.
  لنا: أن الكتاب حجة قاطعة، فجاز نسخ السنة به؛ ولأن القرآن أقوى من السنة، ولهذا قدَّمَه معاذ فجاز نسخها به كنسخ الآحادي بالمتواتر.
  ولنا أيضاً: الوقوع منه التوجه إلى بيت المقدس وحرمة المباشرة بالليل، فإن كلا إنما يثبت بالسنة فإنه ليس في الآيات ما دل عليه، ثُمَّ نسخ بالقرآن وهو قوله تعالى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة: ١٤٤]، {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ}[البقرة: ١٨٧].
  لا يقال: يجوز أن يكون نسخ ذلك بالسنة ووافق القرآن؛ إذ لا نسلم أن نحو التوجه وحرمَة المباشرة ثبت بالسنة.
  قولكم: لأنه ليس في الآيات ما يدل عليها.
  قلنا: يجوز أن تكون الآيات الدالة عليها منسوخة التلاوَة؛ لأنا نقول: الأصل هو العدم، ولو أعيد بمثل هذه الاحتمالات لاختل كثير من الأحكام.
  قالوا: ذلك ينفر الناس منه.
  قلنا: إذا علم أنه ÷ مبلغ لا غير لم يلزم النفرة.