الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في نسخ القرآن بالسنة الفعلية]

صفحة 36 - الجزء 2

  قلنا: هو ظاهر في الوحي وعدم تبديل لفظة بأن يضع مالم ينزل مكان ما أنزل فلا يدل على منع تبديل الحكم.

  سلمّنا: فقد سبق أن السنة بالوحي فلا يكون قد بدل من تلقاء نفسه بل الله هو المبدل.

  (فأمَّا) النسخ للقرآن (بالآحاد فممتنع) لما تقدم (خلافاً للظاهرية) فأجازوه لما تقدم، والجواب ما تقدم.

(فصل): [في نسخ القرآن بالسنة الفعلية]

  (ويجوز نسخ القرآن بفعله) وذلك كنسخ مسح الرجلين الثابت في القرآن بفعله ÷ وإلى لأنه غسل ولم يمسح.

  (و) يجوز نسخ (فعله بالقرآن) كالصلاة على المنافقين بقوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}⁣[التوبة: ٨٤].

  (و) يجوز نسخ (قوله لفعله) وذلك لما روي أنه # كان ينهى عن استقبال القبلتين بقضاء الحاجة، ثُمَّ روي أنه استقبل بيت المقدس في العمران، هكذا ذكره صاحب الجوهرة.

  قلت: ولكن هذا تخصيص.

  (و) يجوز نسخ (فعله بقوله) وذلك كما روي أنَّه # كان يقوم للجنازة، ثُمَّ قيل: إن اليهود يفعلونه، فنهى عن ذلك، والدليل على جواز مثل هذا وجهان:

  أحدهما: أن أفعاله # من جملة سنته؛ إذ لا يعني بالسنة إلاَّ الأحكام التي تعبدنا بها على يد النبي ÷ مالم يزل فيه قرآن، وإذا ثبت ذلك فقد دللنا على جواز نسخ السنة بالسنة والكتاب بالسنة.

  الثاني: أن نسخ الأفعال والنسخ بها قد وقع، فلولا الجواز لم يقع وقد مثلنا ذلك.

  (وكذا) يجوز نسخ (فعله بفعله) كاستقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة، وهذا (عند أكثر أئمتنا والجمهور) من العلماء، ولكن إنما يجوز ذلك (بعد العلم بالوجوه التي يقع عليها الفعل) وإنما أجيز ذلك؛ لأن النسخ فرع على التنافي والتعارض بين الناسخ والمنسوخ بأن يكون أحدهما مقتضياً لزوال مثل الحكم الثابت بالمنسوخ على وجهٍ لولاه لكان المنسوخ ثابتاً لأجل المنسوخ الذي هو الفعل الدال عليه والتنافي لا يصح في الأفعال؛ لأن معناه هو أن يدل أحد الأمرين على عكس ما يدل عليه الآخر بأن يدل أحدهما على ثبوت حكم ويدل الآخر على نفيه، وذلك نحو أن يقتضي أحدهما