(فصل): [في النسخ بالقياس]
  الذي يقتضيه القياس بعد استقرار التعبد بالقياس، (أو إجماع) لأنه إذا اختلفت الأمة على قولين قياساً، ثُمَّ أجمعوا على أحد القولين كان إجماعهم على أحد القولين يكون رافعاً لحكم القياس الذي يقتضيه القول الآخر، (أو قياسٍ أقوى) من القياس المنسوخ، كأن ينص في صورة بخلاف ذلك الحكم، ويجعله معللاً بعلة موجودة في ذلك الفرع ويكون أمارة عليتها أقوى من أمارة علية الوصف للحكم الأول في الأصل الأول، ويكون ذلك بعد استقرار التعبد بالقياس الأول.
  (لا) أنه يجوز نسخ القياس الثابت (بعد وفاته ÷) وإن كان مرتفعاً في المعنى لأن ذك لا يسمى نسخاً لفظاً، أمَّا بالنص فكما إذا اجتهد إنسان في طلب النصوص ثُمَّ أنه لم يظفر بشيء أصلاً، ثُمَّ اجتهد فحرم شيئاً بقياس ثُمَّ ظفر بعد ذلك بنص أو إجماع أو قياس أقوى من القياس الأول على خلافه. قالوا: فإن كان كل مجتهدٍ مصيب كان هذا الوجدان ناسخاً لحكم القياس الأول، لكنه لا يسمى ناسخاً؛ لأن القياس إنما كان معمولاً به بشرط أن لا يعارضه شيء من ذلك، وإن قلنا: المصيب واحد لكن القياس متعبداً به، فلم يكن النص الذي وجده آخراً ناسخاً لذلك القياس، هكذا ذكره الرازي في محصوله.
  واعلم: أنه لا يخلو شيء منها عن سهو؛ لأنه نص على أن الإجماع لا ينعقد في زمن الرسول، وعلى أنه يمتنع نسخ القياس به قبيل هذا بقليل.
  قال (أئمتنا والجمهور: ولا ينسخ به) أي بالقياس غيره من الأدلة (مطلقاً) أي سواء كان جلياً أو خفياً لإجماع الصحابة على رفضه عند وجود النص، والمراد بالنص هنا خلاف الاستنباط لا معناه الاصطلاحي، وقد يمنع انعقاد إجماعهم على ذلك إذ لا قول صريح لكل منهم لمسألة اجتهادية، سلمنا فذلك قد يمنع التخصيص به، وقد قلتم به؛ ولأنه لو صح النسخ به لكان ذلك مخالفاً لخبر معاذ، فإنَّه أخر القياس على النص وصوَّبه ÷ وهما يدلان على وجوب تقديم النص على القياس، وأنه لا عبرة بالقياس مع وجود النص خالفه أو وافقه.
  وقد يقال: قد صلح المتواتر ناسخاً للكتاب مع تأخير معاذ للسنة عنه ولم يقدح ذلك فيه، بل لم يمنع ذلك من التخصيص به، فلا يمنع من النسخ به؛ إذ لا أثر لما يعد فارقاً بينهما.