فصل: [في الزيادة هل هي نسخ أم لا؟]
  لنا: أن النسخ إما عبارة عن الرفع أو عن بيان انتهاء مدة الحكم على اختلاف الرأيين كما تقدم، وعلى التقديرين لا يتحقق معنى النسخ هنا.
  قالوا: زيادة صلاة تخرج الوسطى عن كونها وسطى فيبطل وجوب المحافظة عليها الثابتة بقوله تعالى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}، وأنه حكم شرعي فهو نسخ.
  قلنا: لا يبطل وُجوب ما صدق عليها أنها وسطى، وإنما يبطل كونها وسطاً، وليس حكماً شرعياً، والأقرب أن هذه المسألة لفظية، وإذا أحرزت النظر وجدته متفرعاً على أن المندفع حكم شرعي أولاً فمن تمحل في بعض المواضع طريقاً شرعياً عده نسخاً، ومن تمحل في بعضها طريقاً عقلياً لم يعده من ذلك، (وإن كان لها)، أي لتلك الزيادة على النص، (تعلق به) أي بالمزيد عليه، فهي على وجوه قد أشار إليها بقوله:
  (فإن كانت) تلك الزيادة (مقارنة له)، وبهذا يعلم أن زيادة قوله (في خطاب واحد) لا معنى لها بعد قوله مقارنة، إذ لا مقارنة إلاَّ وهي في خطابٍ واحد، وذلك (كغسل الأيدي بعد الوجوه) في آية الوضوء، المشتملة على وجوب غسل بعد غسل، (أو) كانت تلك الزيادة (واجبة بطريق التبعية، كغسل جزء من الرأس بعد الأمر بغسل الوجه) مستكملاً، فإن هذه الزيادة قد كانت وجبت قبل الأمر بها نظراً إلى أنه لا يتم الواجب إلاَّ بها، (أو كانت تلك الزيادة مبينة لمجمل، كإيجاب النية) بقوله: «إنما الأعمال بالنيات»، (و) إيجاب (الترتيب) بين أعضائه الثابت بقوله # «ابدءوا بما بدأ الله»، وبقوله ÷ «لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الطهور مواضعه فيغسل وجهه ثم يغسل يديه، ثم يمسح رأسه، ثم يغسل رجليه»، (بعد نزول آية الوضوء)، وهي قوله تعالى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ...} إلى آخرها، فإذا أورد بعدها إيجاب النية والترتيب كان مبنياً لها، ونحو هذه الصور الثلاث مما ذكره صاحب الجوهرة، وهي ثلاث أخر غير ما ذكره:
  الصورة الأولى: أن يكون المزيد عليه قد أشعر بالزيادة(١)، بأن يتضمنها معنى واحد، وإن اختلفا في الصورة والاسم، وذلك نحو ما روي في المحرم أنه يقطع الخفين من أسفل الكعبين ويلبسهما، فإنَّه زيادة في ظاهر اللفظ على ما بيح له من لبس النعلين.
  الصورة الثانية: الزيادة الواردة بعد التعذر في المزيد عليه كقطع رجل السارق بعد ذهاب يده.
(١) قال الدواري: بمعنى يعلم أن حكم الزيادة حكم المزيد عليه، من باب القياس الجلي. تمت. لؤلؤ معنى.