الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب التاسع من أبواب الكتاب باب الناسخ والمنسوخ

صفحة 49 - الجزء 2

  الإطلاق الأول: إشار إليه بقوله: (فعند الشيخين أبي علي وأبي هاشم والحنابلة وأكثر الشافعية أنها ليست بنسخ) للمزيد عليه (مطلقاً)، أي على أي وجهٍ وقعت من الوجوه الآتية.

  والإطلاق الثاني: ما قاله (جمهور الحنفية) من أن الزيادة (نسخ مطلقاً)، كذلك.

  والتفصيل الأول: ما قاله (الكرخي وأبو عبد الله) من أنها (إن غيرت حكم المزيد عليه في المستقبل فنسخ) للمزيد عليه (كزيادة عشرين في حد القاذف)، فإنَّه قد تغير بها حكم في المستقبل وهو إبطال شهادته بالثمانين؛ لأن القاذف كانت شهادته لا تصح بعد الثمانين، فلما زيد عليها عشرون صارت لا تصح بعد المائة وتصح قبلها.

  والتفصيل الثاني: ما قاله (أبو طالب والقاضيان) جعفر وعبد الجبار (والغزالي) من أنها (إن غيرت) الزيادة (أجزاء المزيد عليه) تغييراً شديداً حتى صار المزيد عليه لو فعل بعد الزيادة على حد ما كان يفعل قبلها كان وجوده كعدمه ووجب استئنافه، وذلك (كزيادة ركعة) على ركعتين (في الفجر فنسخ) للمزيد عليه، (وإلا) تغير الزيادة على حد ما ذكر بل كان المزيد عليه لو فعل على حد ما كان يفعل قبل الزيادة صح فعله واعتد به، ولم يلزم استئناف فعله، وإنما يلزم أن يضم إليه غيره، فلا تكون الزيادة نسخاً (كزيادة عشرين في حد القاذف)، فإنها لو عدمت كان للنافي إيراد يسقط وجوبُه وكزيادة التغريب.

  قال (القاضي) عبد الجبار: (وكالتخيير في ثالث) من أمور (بعد) التخيير في (اثنين منها)، كأن يقول: اعتق أو صم أو أطعم، فإن ترك الأولين مع فعل الثالث غير محرم، وقد كان محرماً فهو كالعدم في انتفاء الحرمة عنهما.

  والتفصيل الثالث: ما قاله (بعض الشافعية) من أنها (إن بينت) الزيادة على النص (انتهاء مفهوم المخالفة)، كما إذا قيل في الغنم المعلوفة زكاة بعد قوله في الغنم السائمة زكاة، (فنسخ) للأول، (وإلا) تبين الزيادة على النص أنها مفهوم المخالفة، (فلا) يكون نسخاً.

  والتفصيل الرابع: ما قاله (جمهور أئمتنا وأبو الحسين والرازي وابن الحاجب) وهو التفصيل الفارق والمعيار الصادق فيما يعد نسخاً منها وما لا يعد، فأما كونها نسخاً وغير نسخ على الإطلاق فهو خطأ في الجانبين جميعاً.