الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب التاسع من أبواب الكتاب باب الناسخ والمنسوخ

صفحة 50 - الجزء 2

  وحاصل ما ذكروه: أنه (إن بينت انتهاء حكم شرعي فنسخ) للمزيد عليه؛ لأنه قد حصل فيها حقيقة النسخ، فإذا ثبت ثبت، وإذا نفي انتفى، (وإن بينت انتهاء حكم عقلي كالبراءة الأصلية فليست بنسخ) للمزيد عليه لعدم حقيقة النسخ فيه.

  قال (الشيخ) الحسن: (وهذه) المقالة (حلقة مبهمة) من حيث أنه لا يهتدى بهذا الكلام إلى معرفة مذهب القائل هل الزيادة نسخ أو غير نسخ؛ لأن المراد أنها عبارة منغلقة لا يفهم بل يشبه عدم عرفان ذلك بالحلقة المبهمة؛ لأنه لا يدري أين موضع فتحها، و (لا يخالف فيها من تقدم)، فليفصل ذلك، فنقول:

  يبطل قولُ الشافعية والشيخين: بأن الزيادة قد ترفع حكماً شرعياً فتكون نسخاً.

  ويبطل قول الحنفية: بأن المزيد عليه قد يكون حكماً عقلياً، فلا يكون نسخاً.

  ويبطل قول الكرخي وأبي عبد الله: بمثل هذا الإبطال.

  ويبطل قول القاضي وأبي طالب: بأن الأجزاء حكم عقلي على قول الشيخ الحسن، قال الحفيد: وفيه نظر؛ لأن طريقه الشرع.

  والجواب: أن على أصل القاضي ليس طريقه الشرع؛ لأن عدم القضاء وكون الشيء لا يجب أمر زائد عليه يقضي به العقل قبل ورود الشرع، ويبطل قول القاضي في زيادة كفارة بأنها لم ترفع إلاَّ عدم وجوب المزيد عليه، وعدم وجوبه حكم عقلي.

  وربما احتج الأولون: بأن الزيادة على النص لم تعرض لحكم النص بنفي ولا إثبات بل تناولت حكماً مجرداً فكما أن الزيادة المنفصلة لا تعد نسخاً كذلك هذه.

  وأجيب عن ذلك: أن النسخ رفع أمد الحكم وهذا قد يتفق بالزيادة كزيادة ركعتين على ركعتي الفجر، فإنها وإن لم ترفعها فقد رفعت حكمها وهو كونها فرضاً كاملاً، وهذا هو الحكم المنسوخ لا الصورة إذ لا عبرة بها.

  قالوا: لا بد من منافاة من الناسخ والمنسوخ، إما إلى بدل وإما إلى غير بدل، والزيادة ما نفت المزيد عليه بل أردفته حكماً آخر.

  قلنا: هذه الزيادة قد رفعت حكم المزيد عليه من وجه وهو ما إذا انفرد.