الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب التاسع من أبواب الكتاب باب الناسخ والمنسوخ

صفحة 52 - الجزء 2

  قالوا: رفعت كون الجلد والثمانين مجزياً.

  قلنا: تعليل الشيء بنفسه أيضاً، لأن معنى كون الشيء مجزياً وحده أن لا يجب ضم شيء إليه.

  قال ابن الحاجب: قد ثبت تحريم الزيادة ثم وجوبها وكلاهما بدليل شرعي.

  قلنا: وجوب التغريب كان منتفياً في الأصل فرفعه رفع لحكم الأصل، ومثله لا يكون نسخاً.

  (و) منها (تقييد المطلق بصفته، كالرقبة المعتقة) التي هي المطلق بالصفة التي (في الإيمان) كما إذا قيل: إن ظاهرت فأعتق رقبة وإن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة، (وليست) هذه الزيادة (بنسخ وفاقاً لأبي الحسين وخلافاً للكرخي وأبي عبد الله)، فعندهما أنها نسخ.

  لنا: إن ذلك تخصيص العموم وهو لا يعد نسخاً.

  قالا: لو خلينا والظاهر لكفرنا بأية رقبة كانت وإلا فقد صارت الرقبة معينة بالمؤمنة، فزال حكم ثبت بالشرع.

  قيل: والحق أن ثوب الخلاف مرفوع وحبله مقطوع؛ لأن من قال إنه نسخ فرض الكلام وبنى على أن الخطاب قد تأخر عنه التقييد بالإيمان إلا إن أمكن العمل، ومن قال بالتخصيص بنى كلامه على أنه لم يتراخ إلى وقت العمل، اللهم إلاَّ أن يكون خلافهم في الواقع من التقييد فيرجع الخلاف إلى وقت وقوعه لأجل الحكم الشرعي لا لأجل المسألة الأصولية، وفيه تأمل⁣(⁣١).

  ثم إن القائلين بالنسخ والتخصيص متفقان على أن المجزي في العتق المؤمنة لا غير، خلا أن الناسخ يعتبر شرائط النسخ، والمخصص لا يعتبرها.

  وقد يقال: إن التقييد يتضمن النقض مما كان ثبت، وكلامنا هاهنا يتضمن الزيادة.

  (و) منها (زيادة ركعة في الفجر، وهو نسخ) للمزيد عليه (لتغييرها الإجزاء عند القاضي عبد الجبار، أو) هي نسخ لكن لا لأجل تغييرها الإجزاء، بل (لتغيرها وجوب التشهد والتسليم) عقيب الركعتين، وهو حكم شرعي معلوم بطريقة معلومة، وليس ذلك نسخ للركعتين، لأن النسخ لا يتناول الأفعال، ولا هو نسخ لوجوبهما، فإنَّه ثابت، ولا نسخ لأجزائهما (عند الشيخ الحسن)، فإنهما مجزيان وإنما كانتا مجزيتين من دون ركعةٍ أخرى، فالآن لا تجزيان إلاَّ مع ركعة أخرى، وذالك تابع لوجوب ضم ركعة


(١) وجهه: أن المختار أن التقييد إذا تراخى إلى إمكان العمل ولم يتراخ عن وقت الحاجة أنه بيان لا نسخ، وقد سبق تحقيق ذلك. تمت من هامش النسخة (أ).