فصل: [في حكم النقص]
  وأما الثالث: فلأن الثاني قد رفع حكماً شرعياً ثبت بدليل الخطاب من أن غير أولات الأحمال لا نفقة لهن.
  (وثمرة الخلاف): في أن الزيادة على النص نسخ أو لا؟ (أن الظني كخبر الواحد إذا ورد بالزيادة على النص المعلوم) بآية صريحة أو خبر متواتر صريح (لم يقبل عند القائلين بأنه نسخ) لما عرف سابقاً من أنه لا يجوز نسخ القطعي بالظني، (وقبل عند القائلين بأنها ليست نسخ) لوجوب العمل بالظنيات في المسائل الفقهية.
فصل: [في حكم النقص]
  ولم فرغ من ذكر حكم الزيادة أخذ في بيان حكم النقص، فقال:
  (والنقص) من العبادة يكون على وجهين؛ لأنه (إن لم يكن له) أي المنقوص (تعلق بالمنقوص منه) بأن لا يكون ركناً ولا شرطاً (كإحدى الخمس) إذا نسخ، فإنَّه لا يكون نسخاً للباقي.
  وكذلك لو قال الشارع: أوجبت الصلاة والزكاة، ثم قال: نسخت الزكاة، (فليست) تلك المسقطة (نسخ لغيرها)؛ لأن إسقاطها إنما بين انتهاء وجوبها فلم يحصل حقيقة النسخ إلاَّ فيها فقط، فمن ثم لم يكن نسخاً لغيرها لعدم حقيقة النسخ.
  (وإن كان له) أي المنقوص (تعلق به) أي بالمنقوص منه (كالنقص من النص فنسخ للمنقوص) وسواء كان ذلك المنقوص (ركناً) مما دل عليه النص كالركوع والسجود (أو) كان (شرطاً) به متصلاً كاستقبال القبلة، فإنَّه شرط للصلاة متصل بها، أو منفصلاً كالوضوء، فإنَّه شرط للصلاة منفصل عنها، فنقصان هذا نسخ له (اتفاقاً) بين العلماء، لحصول حقيقة النسخ، وهو بيان انتهاء الحكم الشرعي.
  (واختلف في الباقي) من العبادة، هل هو منسوخ أو لا؟.
  (فعند جمهور أئمتنا والأكثر) من العلماء (أنه) أي الباقي (ليس بمنسوخ مُطلقاً)، أي سواء كان ذلك المنقوص ركناً أو شرطاً متصلاً أو منفصلاً.
  وقال (بعض الشافعية) منهم الغزالي نص عليه الإمام بل الباقي (منسوخ مطلقاً) كما تقدم، فعند هؤلاء أن الواجب عبادة أخرى وليست الأولى.
  وقال الإمام (أبو طالب والقاضي) عبد الجبار (إن كان المنقوص ركناً كركعة) من إحدى الصلوات، أو سجدة (أو شرطاً متصلاً) بالمنقوص منه، وذلك (كالقبلة) إذا نقص من الصلاة