الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل [في الطرق الصحيحة لمعرفة الناسخ من المنسوخ]

صفحة 58 - الجزء 2

  (أو بتأخر إسلام راويه) أي أحد المتعارضين (من غير واسطة) بأن يرويه مرفوعاً لا موقوفاً نظراً إلى الظاهر من أنه إنما سمعه حين أسلم، وخالف في هذا السبكي لجواز العكس.

  (أو بتقدم صحبة راوي المنسوخ من غير واسطة) بينه وبين النبي #، وأما مع الواسطة فإنَّه يحتمل أنه روى إليه بعد رواية حديث المتأخر (مع انقطاع صحبته بموت أو غيره) من غيبة أو مرض، وعلم عدم اتفاقه بالنبي.

  (وكذا) يعرف الناسخ (بإسناده إلى غزوة متأخرة) عن الغزوة التي نسب إليها المنسوخ، كأن يقول الصحابي هذه في غزوة بدر وهذه في أحد ونحو ذلك.

  (أو) إسناد الناسخ إلى (وقت) كأن يقال هذا قبل الهجرة وهذا بعدها، (أو مكان متأخر) عن وقت المنسوخ، كأن يقال: هذه نزلت بمكة وهذه بالمدينة، (فيقبل) الظاهر أن الضمير عائد إلى الذي أسند إلى غزوة متأخرة أو وقتٍ أو مكان متأخر، وإن أعيد إلى جميع ما يسبق لم يستقم كما لا يخفى (مطلقاً)، أي في العلمي والظني، (عند القاضي) عبد الجبار، حكاه عنه الشيخ أبو الحسين؛ لأنه إذا تعارض متواتران تغير أحدهما، فإذا قال الصحابي: هذا متأخر عن ذلك أو نحو ذلك سمع منه وقبل، وليس نسخاً للمتواتر بالآحاد، بل بالمتواتر، والآحاد دليل كونه ناسخاً، وما لا يقبل أبداً قد يقبل إذا كان المآل إليه كما يقبل الشاهدان في الإحصان، وإن ترتب عليه الرجم، ولا يقبل ذلك في الرجم، وكذلك القابلة تقبل شهادتها في الولادة وإن ترتب عليه النسب، ولا يقبل في النسب.

  (والمختار وفاقاً لأبي الحسين قبوله في المظنون فقط) لئلا يؤدي إلى ترك القطعي بالظني، وصحح هذا المهدي لأنه إذا قيل خبر الواحد في كون هذا متقدماً وهذا متأخراً، وعملنا بالمتأخر كالناسخ في الحقيقة هو خبر الواحد أولى لولاه لما وقع نسخ، وتوقف ابن الحاجب وغيره في ذلك.

  (وقوله) أي الصحابي: (اعلم أن هذا منسوخ مقبول في) نسخ (المظنون)؛ لأن الراوي لا يقول اعلم إلاَّ عن سماع لكونه ناسخاً فتكون هذه رواية آحاد تقبل في المظنون لأجل العدالة (دون المعلوم)، فلا يعمل به فيه لما تقدم في الرد على القاضي.

  وقد قيل: لا تعبد بهذه الطريق لاحتمال أن يكون مذهباً له.

  قلنا: قوله اعلم ينفي ذلك إذ لا يقوله إلاَّ عن سماع أو تواتر لم يظهر إلاَّ إليه.