الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب التاسع من أبواب الكتاب باب الناسخ والمنسوخ

صفحة 59 - الجزء 2

  (لا) إذا قال الصحابي (نسخ كذا بكذا، فلا يقبل) قوله (فيهما)، أي في المعلوم والمظنون (عند الجمهور) من العلماء؛ لأنه قد يكون عن اجتهاد، ولا يجب اتباع المجتهد فيه.

  وقال (الإمام) يحيى (والحفيد: يقبل في المظنون) لا المعلوم؛ لأنه لا يطلق ذلك إلاَّ عن سماع لكونه منسوخاً، ولا يحتمل أنه قاله عن اجتهاد؛ لأنه جزم بنسخه.

  قلنا: ذلك لا يدفع احتمال أن يكون عن نظر واجتهاد، ولا يخفى ضعف هذا الاحتمال مع تعيينه للناسخ والمنسوخ.

  سلمنا: فالاحتمال لا يدفع الظهور.

  (فأما) إذا قال: (نسخ هذا، وهذا منسوخ)، قيل كقول ابن مسعود في التحيات كان هذا ثم نسخ، ولا أعرف هذا القول له فيما ظفرت به من كتب الحديث، وللنسائي: (كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد) من دون ذكر ناسخ له، (فمقبول عند الكرخي وأبي عبد الله فيهما)، أي في المعلوم والمظنون، وذكر الراوي عنهما كما يقوله من أنهما يقبلان ذلك في المظنون لا المعلوم.

  (وغير مقبول عند المنصور بالله والقاضي) عبد الجبار (وأبي الحسين والشيخ) الحسن (فيهما)، أي المعلوم والمظنون.

  (والمختار: قبوله في المظنون دون المعلوم).

  لنا: أن الصحابة لا تطلق ذلك إلا عن سماع لكونه منسوخاً، ولا تقول ذلك عن اجتهاد، لأنه قطع على نسخه لكن خبره خبر آحاد فقبل في المظنون دون المعلوم.

  واحتج الكرخي: بمثل حجة القاضي، والجواب واحد.

  واحتج المانعون: بأنه يحتمل أنه قال ذلك عن ظن اجتهاد.

  قلنا: قطعه عن ذلك يأباه.