الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في الطرق الفاسدة]

صفحة 60 - الجزء 2

تنبيه:

  قال القاضي فخر الدين: والأولى أن لا يقبل كلام الصحابي في جميع الصور؛ لأنه يحتمل في جميعها أنه قال ذلك عن نظر واجتهاد، وإن قال اعلم وأطلق؛ لأن الإنسان إذا غلب على ظنه شيء قد يعبر عنه بالعلم، وكذلك يقطع فيما يظنه، وهذا معلوم من عادات الناس⁣(⁣١).

  وأما القسم الثاني: وهو الطرق الفاسدة، فقد أشار إليه بقوله:

فصل: [في الطرق الفاسدة]

  (ولا يتعين الناسخ بنقل حكم العقل) يعني أن أحد الخبرين إذا كان موافقاً لحكم العقل، والآخر غير موافق له، فإنَّه لا يتعين أن يكون غير الموافق له، لأنه لا يمتنع أن يكون ابتداء الشريعة كان بخلاف ما في الأصل، ثم نسخ بما يقتضيه العقل (خلافاً للقاضي) عبد الجبار، فزعم أنه يتعين محتجاً على ذلك بأنه حينئذ يفيد فائدة جديدة، فلو قدرنا غير الناقل متأخراً لم يفد فائدة جديدة.

  قلنا: لا يخفى ضعف هذا لأن العلم بكون ما يعلم بالأصل ثابتاً عند الشارع، وحكماً من أحكامه فائدة جديدة.

  (ولا) يتعين الناسخ (بحسن الظن بالراوي خلافاً للطحاوي)، فإنَّه ذكر في كتابه الآحاديث الصحيحة في غسل الإناء من ولوغ الكلب في الإناء فأهرقه ثم أغسله ثلاث مرات، فاعتمد على هذا الأثر وترك الآحاديث الثابتة في الولوغ، واستدل على نسخ السبع بحسن الظن بأبي هريرة بأنه لا يخالف النبي ÷ فيما يرويه عنه، إلاَّ فيما يثبت نسخه، وهذا فاسد؛ لأنه يلزم منه أن يقبل جميع أحاديث المخرجين اتكالاً على حسن الظن، فإن حسن الظن ينبغي أن يكون مصاحباً للمؤمن.

  (ولا) يتعين الناسخ (بكون حكمه أخف) من المنسوخ إذ من الجائز أن تكون المصلحة في الأشق كنسخ صوم عاشوراء برمضان.


(١) يقال: بل الأولى أنه يقبل قول الصحابي في جميع الصور، إذ قوله: هذا ناسخ أو منسوخ بمثابة قوله هذا متقدم أو متأخر قطعاً، إذ تقدم المنسوخ وتأخر الناسخ مما لا يتغير بالإجتهاد، ولا يختلف فيه المجتهدون، فيحقق. تمت من هامش النسخة (أ).