الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في دلالات اللفظ]

صفحة 73 - الجزء 1

  حيث أنه جزءٌ، والالتزام الدلالة على لازمه من حيث أنه لازم ما وضع له، وإنما أدخل الآخر ضمناً، وكثيراً ما يتركون هذا القيد اعتماداً على شهرة ذلك، وانسياق الذهن إليه.

  (و) تسمى (الأولى) وهي دلالة المطابقة (وضعية اتفاقاً) بين من سمى التضمن وضعيَّة مثلها، وبين من سماها والالتزام عقليين؛ لأن الواضع إنما وضع اللفظ للدلالة على تمام ما وضع له، فهي الدلالة المسبوقة إلى الوضع.

  (و) تسمى (الثالثة) وهي دلالَة الالتزام (عقليَّة اتفاقاً) بين من ذكر، وإنَّما اتفقوا على كونها عقليَّة؛ لأن دلالَة اللفظ على لازمه إنما هي من جهة أنَّ العقل يحكم بأن حصول الملزوم في الذهن يستلزم حصول اللازم فيه.

  (و) اختلف في دلالة التضمن التي هي الثانية هل هي وضعية أو عقليَّة، فقال المؤلف:

  (الأصح في الثانية أنها وضعيَّة) قال الشيخ المحقق لطف الله بن محمد الغياث حفظه الله: وكأنَّه إما لكونها تشارك المطابقة في أنها دلالة اللفظ على ما وضع له، وإن كانت تلك بالاستقلال، وهذه بالمشاركة، وإمَّا لما وُجه به كلام ابن الحاجب في جعله دلالة المطابقة والتضمن لفظيَّة، والالتزام عقليَّة، بما قيل: من أن دلالة اللفظ على معناه المطابق والتضمين واحدة بالذات؛ لأن اللفظ يدل على معناه المطابقي، لكن ربما تضمن المعنى الواحدُ الموضوعُ بإزائه اللفظَ جزئين أي كُلُّ واحد منهما مركبة من الجزئين، فإذا أطلق ذلك اللفظ يفهم الكل، ويفهم منه أي من اللفظ كل واحدٍ منهما، وهو بعينه فهم الكل، وذلك لأن اللفظ الموضع للمعنى المركب إذا لاحظته النفس انتقلت منه إلى ذلك المعنى المركب من حيث هو، وتلاحظه ملاحظة واحدة إجماليَّة، فليس هاهنا انتقالات متعددة من اللفظ إلى أجزاء المعنى يتركب منها الانتقال من اللفظ إليه، ولا ملاحظات متكثرة تحسبها تتألف منها ملاحظة المعنى، بل ليس هناك إلا انتقال واحد إلى غير ذلك المجموع وملاحظة واحدة، فليس هناك إلا فهم واحد هو فهم الكل وفهم كل واحدٍ، فالدلالة على الكل لا تغاير الدلالة على الجزئين، أي على كل واحدٍ منهما مغايرة بالذات بل بالإضافة والاعتبار، فإن ذلك الفهم الواحد إن أضيف إلى الكلي واعتبر بالقياس إليه سمي فهم الكل ودلالة المطابقة، وإن أضيف إلى أحد الجزئين واعتبر بالنسبة إليه سمي فهم ذلك الجزء ودلالة التضمن.