الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[الإختلاف في وقوعه والعلم به ونقله]

صفحة 67 - الجزء 2

  (واختلف في وقوعه: فعند أكثر أئمتنا والجمهور من العلماء أنه قد وقع مطلقاً)، أي من الصحابة وغيرهم بما ستعرفه.

  (وقيل: لم يقع مطلقاً) كذلك، والقائل بذلك النظام وبعض الروافض.

  وقال (المنصور) بالله، (والإمام) يحيى، (والرازي، وأحد قولي أحمد بن حنبل: وقع من الصحابة دون غيرهم)، فلم يقع عنه.

  وقال (المؤيد) بالله، (والإمامان) المنصور بالله، والمؤيد بالله يحيى بن حمزة، (والأمير الحسين) بن بدر الدين: الإجماع وقع من الصحابة كما تقدم، (ومن الأربعة) علي وزوجته وابناه في إجماع العترة (فقط) دون غيرهم من أولادهم، فادعى هؤلاء أنه محال، إما على الجملة أو على التفصيل.

  فالأولون قالوا: اتفاقهم فرع لتساويهم في نقل الحكم إليهم، وانتشار الإسلام وتباعد أقطاره وتباين أطرافه واتساع مملكته بمنع نقل الحكم إليهم، وذلك مما تقضي به العادة.

  قلنا: لا نسلم كون الانتشار يمنع من ذلك مع جدهم في الطلب وبحثهم عن الأدلة، وإنما يمنع ذلك عادة فيمن قعد في قعر بيته لا يبحث ولا يطلب، فما ادعوه من عدم الإمكان لا وجه له، وقد عرفت حجج سائر المخالفين على طرقهم من أثناء الكلام، فليتأمل.

  المقام الثاني: النظر في العلم باتفاقهم، وقد ادعى منكروه الإجماع على أنه على تقدير ثبوته في نفسه، فالعلم به محال؛ لأن العادة قاضية بأنه لا يتفق إن ثبت عن كل واحدٍ من علماء الشرق والغرب أنه حكم في المسألة الفلانية بالحكم الفلاني، ومن أنصف من نفسه جزم بأنهم لا يعرفون بأعيانهم فضلاً عن تفاصيل أحكامهم هذا مع جواز خفاء بعضهم عمداً لئلا تلزمه الموافقة والمخالفة، وانقطاعه لطول غيبته، ولا يعرف له أثر، أوكذبه في قوله رأيي في هذه المسألة كذا، والعبرة بالرأي دون اللفظ، وإن صدق فيما قال، على أنه لا يمكن السماع منهم في وقت واحد بل في زمان متطاول فربما تغير اجتهاد بعضٍ فرجع عن ذلك بالرأي قبل قول الآخر، فلا يجمعون على قولٍ في عصر.

  المقام الثالث: في نقل الإجماع إلى من يحتج به، وقد ادعى منكروه أنه على تقدير حصول العلم به، فإنَّه يستحيل نقله إلى مجتهد عادة؛ لأن الآحاد لا يفيد، والتواتر بعيد، وكيف يتصور العاقل أن يمكنه العلم القاطع بالإجماع، وهو نقل محض لا يدخله الاستدلال، وإنما تدخله الضرورة، فإذ بطلت كان ظنياً، والعلم الضروري بالإجماع يحتاج إلى العلم الضروري بانحصار العلماء، ثم تواتر النص الذي لا