الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في دلالات اللفظ]

صفحة 74 - الجزء 1

  واستوضح ذلك بما إذا وقع بصرك على زيد من رأسه إلى قدمِه دفعة واحدَة فإنك تراه وترى أجزَاءه برؤيةٍ واحدَة، فإن نسبت هذه الرؤيَة إلى زيدٍ تسمى رؤيته، وإن أضيفت إلى جزءٍ من أجزائه تسمى رؤيَة ذلك الجزء. انتهى.

  قلت: والموجِّهُ هو الشريف.

  وعند علماء المعاني واختيار صاحب جمع الجوامع أنها عقلية، قالوا: لأن دلالة اللفظ على جزئه إنما هي من جهة أن العقل يحكم بأن حصول الكل في الذهن يستلزم حصول الجزء فيه فهي كالإلتزاميَّة.

  قال الشيخ: ولا أعلم أحداً فرّق بين التضمن والإلتزام في التسميَّة بالوضعيَّة قَبل السيّد |، ولا مشاحّة.

  (وشرط اللزوم كونه ذهنياً) أي كون المعنَى الخارجي بحيث يلزم من حصول المعنى الموضوع له في الذهن حصوله فيه؛ لأنَّ اللازم معنى خارجي عن الموضوع له أي ليس ذاته ولا جزؤه، فلو لم يشترط اللزوم الذهني لكانت نسبة الخارج كالضحك إلى الموضوع له كالإنسان، كنسبة سائر الخارجيات إليه فدلالة اللفظ عليه دون غيره تكون ترجيحاً بلا مرجح.

  وهل المراد باللزوم عدم انفكاك تعقل المدلول الالتزامي عن تعقل المعنى في الذهن أصلاً - أعني اللزوم البيِّن كما ذلك معتبر المنطقيين -، أو كون المعنى الخارجي بحيث يلزم من حصول الموضوع له في الذهن حصوله فيه، إمَّا على الفور أو بعد التأمُّل بالقرائن، وإلا لخرج كثير من معاني المجازات والكنايات عن أن تكون مدلولات التزاميَّة، مع أنها كذلك، كما هو معتبر الأصوليين وأهل العربية، [و] كلام المصنف لا دلالة فيه على أيهما فحكمنا عليه بأنه أراد أنهما دعوى لا دليل عليها.

  وصاحب التلخيص لما أراد الأمر نادى عليه بقوله: ولولا اعتقاد المخاطب لعرف عام أو غيره، أي ولو كان ذلك اللزوم مما يثبته اعتقاد المخاطب بسبب عرف عام مثل عريض القفا فإنه كناية عن الأبله، واستلزام عرض القفا للبله بحسب الاعتقاد عرفاً، والغير العام مثل الانتقال من قولنا: فلان لا يؤذي أحداً إلى كونِه متقياً مسلماً صالحاً كما عهد في الشرع من تفسير المتقي.

  قال سعد الدين في شرح العضد: لكن التحقيق أن الخلاف في هذا الإشتراط فرع تفسير الدلالة، فمن فسرها بفهم المعنى من اللفظ إذا أطلق بالنسبة إلى العالم بالوضع اشتَرط ذلك،