فصل: [في إجماع الأمة]
  رواية) عنه (وغيرهم) من العلماء: (أنه حجة، للدليل القاطع) على أنه حجة وهو قوله تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}[الأحزاب: ٣٣].
  ووجه الاستدلال: أن الله تعالى أخبر بإرادة تطهيرهم من الرجس، وهي المعاصي، إذ لا يحمل على النجس لأنهم وغيرهم فيه على سواء، وإرادة ذلك إنما هو بواسطة العصمة، إذ لو كانت بغير واسطة، فإما مع الاختيار، فهم وغيرهم على سواء، ومع الإلجاء ارتفع التكليف، ولا بد من وقوع ما يريده سبحانه من أفعاله لا محالة، لتوفر الدواعي وانتفاء الصارف، فإنه تعالى مع ذلك يحب الفعل واستمراره، فتثبت عصمة جماعتهم من المعاصي، فيكون إجماعهم حجة وهو المطلوب.
  واعترض: بأن المراد بأهل البيت أزواجه لأنهن اللاتي في بيوته، ولأن أول الآية وآخرها فيهن، ولو سلِّم فإنما ثبت ذلك في حق علي وفاطمة والحسنين $؛ لأن الخطاب إنما وجه إليهم فلا يتم ما أردتم، ولو سلم فالرجس هو ما فحش من المعاصي، ولو سلم فلا نسلم تناوله للخطأ المعفو عنه، ولو سلم فإنما يقتضي حجية إجماعهم من لدن نزولها إلى انقطاع التكليف، ولو سلم فغايته الظهور وحجته الإجماع أصل ظاهر، فلا يثبت في الظاهر.
  وأجيب: بأن النزول ثبت فيمن ذكرنا، وهو بإخراج الترمذي عن أم سلمة قالت: إن هذه الآية نزلت في بيتها {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}، قالت: وأنا جالسة عند الباب فقلت: يا رسول الله: ألست من أهل البيت؟ قال: «أنت إلى أخير أنت من أزواج النبي صلى الله عليه»، قالت: وفي البيت رسول الله ÷، وعلي وفاطمة وحسن وحسين، فجللهم بكساء وقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً».
  وفي الباب عن عمر بن أبي سلمة أخرجه الترمذي، وعن عائشة أخرجه مسلم، وعن أنس من غير ذكر الكساء ولا النزول.
  قلت: فنفى عنها كونها من أهل البيت، ثابتاً لها أنها من الأزواج، فتدبر تدر.
  وأيضاً يلزم أن يكون إجماعهن حجة، ولا قائل به.
  وأيضاً إذا كن المرادات فلا وجه لتذكير الضمير.
  ولا نسلم قصر ذلك على الأربعة لما سيأتي في عرض الدليل الآتي.