الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في الأمور التي ينعقد بها الإجماع والطرق الموصلة إليه]

صفحة 80 - الجزء 2

  والطريق إليهما (في حق غيره) أي الحاضر (النقل) لما ينعقد الإجماع به من قول أو فعل أو ترك أو سكوت.

  (و) النقل لأحد الإجماعين (قد يفيد العلم الضروري: كالمتواتر) وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

  (أو العلم الاستدلالي: كالمتلقى بالقبول) فإنَّه يفيد العلم الاستدلالي بأن يقال لو لم يكن ذلك المنقول صحيحاً لما قبلته الأمة جميعاً، ولا ينكره بعض منهم، فلما لم ينكره بعض منهم علم صحته، وهذا (على الأصح) من القولين، فإنَّه قد قيل إنه لا يفيد العلم نظراً إلى أنه آحادي، وفيه نظر لما ذكرناه.

  (أو) النقل لأحد الإجماعين قد يفيد (الظن) فقط، وذلك (كـ) الإجماع المنقول بـ (الآحاد)، وهو الذي لم يبلغ عددهم حد التواتر.

  (وهو) أي الإجماع المنقول بالآحاد (حجة عند أئمتنا والجمهور) من العلماء، وهذه تخالف رواية الرازي، فإنَّه ادعى خلاف أكثر الناس، (خلافاً لأبي عبد الله وأبي رشيد والغزالي) فقالوا: ليس ذلك بحجة يجب العمل بها، (وتوقف قوم) في أنه هل يجب العمل به أو لا.

  لنا: نقل الدليل الظني الدلالة كالخبر يجب العمل به قطعاً، فنقل الدليل القطعي الدلالة أولى بأن يجب العمل به.

  ولنا أيضاً: أنه # قال: «نحن نحكم بالظاهر»، ويدخل في ذلك لظهوره، وإفادته الظن.

  وقد يمنع أولاً: بمنع عموم الظاهر.

  وثانياً: بأنه لا دلالة على وجوب العمل.

  وثالثاً: بأنا لا نسلم أن الإجماع المنقول بخبر الواحد يفيد الظن، إذ يبعد إطلاع الناقل الواحد على إجماعهم من غير أن يطلع عليه غيره، فإنَّه أمر مشهور متعلق بجمع كثير ليس كالأخبار.

  قالوا: على هذين الدليلين أنهما من قبيل الظواهر:

  أما الأول: فلأنه قياس على خبر الواحد، والقياس ظني.