فصل: [في الإجماع السكوتي]
  انتهاك الأعراض والأموال والنفوس والحرم، لِمَ تكلموا وأنكروا، (فكذلك) أي ليس بإجماع ولا حجة؛ لأنه لم يظهر أن سكوتهم عن رضى.
  (وإن لم يكن له) أي لسكوتهم (محمل) غير الرضى كالقياس حيث عمل بعض وترك آخرون (فإجماع) لما عرفت، (وإن كان اجتهادياً قبل تقرر المذاهب) فأما بعد فلا بد على الموافقة قطعاً، إذ لا عادة بإنكاره، فلم يكن حجة.
  (واختلف في ذلك على القول بالتصويب) للمجتهدين، فأما على القول بأن الحق في المسائل الإجتهاديات مع واحد، فإنَّه يحكم بأن سكوت البعض في مسائل الاجتهاد كحكم سكوتهم في المسائل القطعية، لاشتراك الكل في أن الحق مع واحد فقط، وهذا مع انتشاره فيهم على الوجه الذي ذكرناه.
  (فعند أكثر الفقهاء أنه إجماع) قطعي.
  وقال (أبو علي) أنه يكون إجماعاً مع الانتشار (ومع انقراض العصر) وهو أن لا يبقى واحد منهم (ويسمى) هذا الإجماع (استدلالياً) لأنه استدل على كونه إجماعاً لما سيأتي عند ذكر الحجج إن شاء الله تعالى.
  (وعند المتوكل) على الله أحمد بن سليمان نص عليه في أصول الأحكام (والمهدي وأبي هاشم والكرخي و) روي (عن الشافعي) أنه (حجة) كالخبر الآحادي، والقياس الظني (لا إجماع، وهو الظاهر من كلام الهادي #) لأنه احتج في باب الرجم بأن عمر رجم في وفارة الصحابة.
  وقال (جمهور أئمتنا وأبو عبد الله والأشعرية والظاهرية و) روي (عن الشافعي) رواه الجاربردي في شرح منهاج البيضاوي قال: ولهذا قال الشافعي ¥ لا ينسب إلى ساكت، فإنه (لا إجماع ولا حجة).
  وقال (ابن أبي هريرة) من أصحاب الشافعي (إن كان) الذي قال بذلك القول وسكت (مفتياً فإجماع، وإن كان حاكماً فلا إجماع ولا حجة، وعكس) أبو إسحاق (المروزي) فقال: إنه حجة إجماعاً إن كان حاكماً، وإن كان مفتياً فلا إجماع ولا حجة.
  لنا: على قول جمهور أئمتنا أنه يجوز أن يكون من لم ينكر إنما لم ينكر لأنه لم يجتهد بعد، فلا رأي له في المسألة، أو اجتهد فتوقف لتعارض الأدلة أو خالفه لكن لما سمع خلاف رأيه روى