الباب العاشر من أبواب الكتاب باب الاجماع
  قلنا: إن ذلك بعد استقرار المذاهب، وقد فرضنا المسألة فيما كان قبل استقرائها، والفتيا والحكم سواء؛ لأن إنكار الحكم إنكار للفتيا.
  المروزي قال: الحكم يصدر عن مشاورة ومراجعة.
  قلنا: لا فرق فقد كانوا يخالفون أبا بكر في الحدود، وعمر في المشتركة، وأيضاً الكلام عليه كابن أبي هريرة.
  (وإن لم ينشر) ذلك القول في أهل الإجماع، (وإن لم يعرف له مخالف: فقيل إجماع، وقيل: حجة، والمختار وفاقاً للجمهور أنه غير إجماع ولا حجة).
  وقالت (الملاحمية والرازي إن عمت) به (البلوى) فحجة، (وإلا) تعم البلوى (فلا) يكون حجة.
  لنا: أنه يجوز أن لا قول لهم فيه، أولهم قول مخالف، فلم ينقل.
  قالوا: الظاهر وصوله إليهم.
  قلنا: لا نسلم لأن المفروض عدم الانتشار، فالظاهر عدمه.
  الرازي قال: المسألة إذا كانت مما تعم به البلوى فلا بد أن يكون للساكتين فيه قول، إما موافق أو مخالف، ولكنه لم يظهر، فجرى مجرى قول البعض بحضرت الباقين وسكوت الباقين عنه.
  قلنا: شيء من الاحتمالات لا تخلو عن هذا.
  (والقول بما لم ينصوا على إثباته ولا نفيه لا يخالف الإجماع) لأنه حادثة متجددة لا خوض لهم فيها أصلاً، فيكون ذلك القول قولاً لذلك المجتهد يجب عليه العمل بمقتضاه، (وقد وهم في ذلك أبو جعفر) حيث اعترض الهادي في قوله: إنه يكفن في سبعة، وأنها تجب الزكاة في المستغلات، وقال: هذا خلاف الإجماع.
  وأجاب الإمام والمهدي وغيرهما: أنه ليس كذلك إذا لم ينصوا على منعه ونفيه.
  قال المهدي: والهجوم على مثل هذه الدعوى في حق الهادي عيه السلام لا تصدر عن إنصاف، والهادي # أعرف بالإجماع قطعياً كان أو ظنياً لقرب عهده بهم.
  ولأجل هذا الذي ذكر، قال ابن الحاجب في جواب من قال إحداث ثالث فيه مخالفة الإجماع: عدم القول به ليس قولاً بنفيه وإلا امتنع القول في كل حادثة تتجدد.